والقصاص، وحد القذف، أو غير متمحض، والمغلب فيه حق الله تعالى: كالزكوات، والكفارات، وحقوق الله تعالى التي لا تسقط بالشبهات، كما قاله في ((المهذب)) وغيره، لم يقبل رجوعه، لأنه حق ثبت لغيره فلم يملك إسقاطه، لما في إسقاطه من الإضرار به، ولأجل هذا قال ابن الصباغ وغيره في باب الشهادة على الحدود: إن الحاكم لا يعرض له بالإنكار فيها، لأن إنكاره لا ينفعه.

نعم، لو صدق صاحب الحق الراجع في رجوعه، بطل الإقرار إذا لم يتعلق بذلك حق الله تعالى وإن تعلق به حق، كما إذا أقر شخص بحرية عبده، ثم رجع عن ذلك، وصدقه العبد- لا يبطل الحكم بالحرية.

وكذلك لو ادعى ملك جارية، وحكم لها بها بيمينه، فأحبلها، فأتت بولد لحقه في ظاهر الأمر، ثم قال بعد ذلك: كذبت في دعواي، ويميني، والجارية ليست لي، وصدقته الجارية على ذلك- لا يحكم بردها على المدعى عيه، كما لا يحكم برق الولد وفاقًا.

وحكى الإمام قبل باب القافة بثلاث أوراق، وجها آخر: أنا نردها إليه، فإن الحق لا يعدو المدعي والجارية.

وقال: إنه لا أصل له، ومثله ما إذا أقر شخص بنسب بالغ عاقل، ثم رجع عنه، وصدقه هل يقبل رجوعه؟ فيه وجهان.

قال: وإن أقر بحد [من حدود] الله تعالى، وهي [حد] الزنى، والسرقة، والمحاربة، وشرب الخمر- قبل رجوعه، أي: سواء استوفى بعضه أو لا، لقوله- عليه السلام-: ((ادرءوا الحدود بالشبهات))، وهذه شبهة، لأنه يجوز أن يكون صادقًا في الرجوع، و [قد] روى أبو داود عن جابر بن سمرة [أنه] قال: رأيت ماعز بن مالكٍ حين جيء به إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم رجلًا قصيرًا أعضل، ليس عليه رداءٌ، فشهد على نفسه أربع مراتٍ: أنه قد زنى، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((فلعلك ...)) قال: لا والله، [إنه] قد زنى الأخر، قال: فرجمه، ثم خطب، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015