وقضية كلام الرافعي على الثاني: نعم، بل الجمع بين النقلين أظهر من ذلك، لأن صورة المسألة التي قال فيها الماوردي وغيره ما ذكرناه: إذا ادعى بعض الورثة أن أباهم وقفها عليهم دون باقي الورثة، وهي في يد الورثة، وصورة المسألة التي قال فيها الإمام ما ذكرناه: إذا ادعى ثلاثة على رابع في يده دار: أن أباهم وقفها عليهم، وكانت ملكه إلى حين الوقف، ونكلوا، وماتوا، فلا تصرف للبطن الثاني بلا يمين، لأن البينة لم تكمل حتى تنتزع الدار من صاحب اليد المدعي ملكها، بخلاف الصورة السابقة، لأن للناكلين عن اليمين بعد دعوى الوقف يدًا على بعضها، فلذلك حكم عليهم بموجب إقرارهم.
ولو مات الباقون من الورثة قبل موت الإخوة الثلاثة- والصورة كما ذكرنا أولًا- وعاد نصيبهم إلى الثلاثة، صار جميع الدار وقفًا بإقرارهم.
وكذا إذا عاد إليهم من نصيب بقية الورثة شيء كان هذا حكمه، ولهم تحليف الوارث على نفي العلم [بالوقف]، وهل للبطن الثاني الحلف مع الشاهد عند نكول الثلاثة فيما نحن نتكلم فيه؟ فيه قولان:
قال بعضهم: إنهما منصوصان.
وبعضهم قال: هما مبنيان على أن الوقف المنقطع الابتداء، هل يصح أو يبطل؟ فإن قلنا: يبطل، لم يحلف البطن الثاني، لأنه بطل بنكول البطن الأول، وإن قلنا: لا يبطل، حلفوا. وقضية هذا البناء أن نقول: لا يكون نصيب الناكلين وقفًا عليهم بإقرارهم، لأنه بطل بنكولهم عن اليمين، وهذا لم أره لأحد.
[وبعضهم] قال: هما مبنيان على أن البطن الثاني يتلقون من البطن الأول، أو من الوقف؟
فإن قلنا بالأول، لم يحلفوا، كما [لو] أقام شخص بملك له شاهدًا، ونكل عن اليمين، ثم مات، فإن وارثه لا يحلف [كما حكاه القاضي الحسين، ولم يورد الإمام سواه].
وإن قلنا بالثاني حلفوا، وحلفهم رآه الماوردي أظهر، وقال القاضي أبو الطيب