قلت: ويمكن بناء الوجهين [على الوجهين] في أن المدعي هل يحتاج في يمينه على تصديق الشاهد، فيقول: والله إن شاهدي لصادق فيما شهد [لي] به، وإني مستحق لكذا، أو يكفيه الاقتصار على الحلف على الاستحقاق؟ وفيه خلاف حكاه صاحب ((البحر)) هاهنا، والماوردي في باب صفة اليمين، وحكيته عن رواية الإمام في باب صفة القضاء عند الكلام في [باب] القضاء على الغائب.
فإن قلنا بالاحتياج إلى تصديق الشاهد كما حكيته عند الكلام في نكول المدعي عن اليمين عن القفال، وهو الذي أورده [ابن] الصباغ في باب الامتناع من اليمين والإمام هنا، [و] ادعى أن الأصحاب لم يختلفوا فيه، وتبعه الغزالي، والرافعي، ووجه ذلك بأن اليمين والشاهد حجتان مختلفتا الجنس، [فاعتبر] ارتباط إحداهما بالأخرى، لتصيرا كالنوع الواحد- فيظهر أن يقال: لا بد من تقدم الشهادة، ليقع التصديق بعدها.
وإن قلنا: لا نحتاج إلى تصديق الشاهد، كما حكاه ابن أبي الدم عن الإصطخري، ووجهه الماوردي بأن يمينه بمثابة الشاهد الآخر، وليس يلزم الشاهد أن يشهد بصدق الآخر- فيظهر أن يقال بمجيء الخلاف في جواز تقديم اليمين على الشهادة.
[ثم] قال الإمام تفريعًا على الاحتياج إلى تصديق الشاهد في اليمين: ولو قد ذكر الحق، وأخر تصديق الشاهد، فلا بأس، ولم أر أحدًا يضايق فيه.
فرع: إذا حصل القضاء عند وجود الشاهد واليمين، فهل يستند إلى الشاهد فقط، أو إلى اليمين فقط، أو إليهما؟ فيه ثلاثة أوجه، أصحها: ثالثها، وهو الذي ينتظم عليه تعليل الأصحاب اشتراط التعرض لصدق في اليمين، كنا قال الرافعي.
وتظهر فائدة الخلاف في الغرم عند الرجوع، فإن قلنا بالشاهد فقط كان الغرم عليه عند رجوعه، وإن قلنا باليمين فقط فلا شيء على الشاهد، وللإمام احتمال فيه أخذه من تغريم شهود التزكية، لأن به حصل ترويج اليمين، كما