قال: وإن شهد الوارث لمورثه بالجراحة قبل الاندمال، فردت شهادته، ثم اندمل الجرح، وأعاد [تلك] الشهادة- فقد قيل: تقبل، لأن شهادته إنما ردت خشية من موته من تلك الجراحة، فيكون كأنه شهد لنفسه، فإذا برئ زال هذا [المعنى، وهذا] ما اختاره في ((المرشد)).

وقيل: لا تقبل، كشهادة الفاسق إذا أعادها بعد التوبة، لأنهما جميعًا ردا، لأجل التهمة، وهذا ما قال به أبو إسحاق، واختاره النواوي، وقيل: إنه ظاهر المذهب، ولم يحك القاضي الحسين في باب الشهادة على الجناية غيره، وطرده فيما إذا شهد بالجراحة قبل الاندمال وهو وارث، ثم حدث للمجروح ابن يحجبه، فأعاد تلك الشهادة.

وفي ((الحاوي)) حكاية الوجهين في هذه الصورة أيضًا.

قال القاضي أبو الطيب: والقائلون بالأول فرقوا بأن العلة المانعة لقبول شهادته قد زالت يقينًا، وهو كونها غير مندملة، خشية حصول المشهود به [له]، وليس كذلك الفسق.

وقد نسب القاضي الحسين هاهنا القول بعدم القبول إلى القفال، وقال: إن أصحابنا ذكروا في المسألة وجهين، كالسيد إذا ردت شهادته لمكاتبه، فعتق، وأدى السيد تلك الشهادة، هل تقبل أم لا؟ فيه قولان.

وفي ((الشامل)) حكاية القبول في مسألة المكاتب عن بعض الأصحاب، ومقابله إلى تخريج ابن القاص، ولأجل ذلك حكى الفوراني وغيره الخلاف في المسألة وجهين، واختار في ((المرشد)) منهما القبول.

وكذا الخلاف يجري- كما حكاه القاضي عن ابن سريج- فيما إذا شهد المولى لعبده بما لا يعود نفعه إليه: كالنكاح، فردت شهادته، ثم عتق العبد، فأعاد السيد تلك الشهادة، فهل تقبل؟ فيه قولان:

والأصح: لا، لأن الرد كان للتهمة.

ومقابله منسوب في ((الرافعي)) إلى ابن القاص.

والخلاف جارٍ- أيضًا، كما قال الرافعي- فيما لو شهد اثنان من الشفعاء بعفو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015