الدعوى في الجنس لا تسمع، وإن خالفتها في القدر إلى نقصان، حكم في القدر بالبينة دون الدعوى، وإن خالفتها إلى زيادة، حكم في القدر بالدعوى دون البينة، ما لم يكن من المدعي تكذيب البينة في الزيادة، فإن أكذبها فيه، ردت، ولم يحكم بها. وهذا قد ذكره الماوردي في باب ((ما على القاضي في الخصوم، وهو موافق لما في ((أدب القضاء)) للزبيلي، فإنه قال: لو ادعى عشرة، فشهدت له البينة بعشرين، صح له العشرة، ولا يكون طعنًا على الشهود، لأنه لم يكذبهم بما فوق العشرة، بل صدقهم في العشرة، وسكت عما فوقها، وذلك يحتمل أن يقول: كان في الأصل عشرون، وكنت قضيت منها عشرة، فادعيت الباقي، وشهد الشهود على الأصل، إذ لم يعلموا بقبضي، فلا يكون ذلك تكذيبًا للبينة.

وعندى: أن الشهادة على إقراره بالقدر الباقي لا تمتنع، لأن من أقر بالعشرة فقد أقر بكل جزء منها، كما قال أصحابنا: من ادعى عشرة فقد ادعى كل جزء من أجزائها، ومما يؤيد ذلك أمران:

أحدهما: [أنه] لو شهد له شاهد بعشرين، وشاهد بثلاثين، [لفق بين الشهادتين، وتثبت العشرون على الأصح.

ولولا أن من شهد بالثلاثين] شهد بعشرين، لما تلفقتا، وثبتت العشرون.

الثاني: أن من اشترى عينًا بعشرة، هل يجوز [له] أن يقول: اشتريتها بتسعة؟ فيه وجهان حكيناهما في المرابحة:

فإن قلنا: يجوز، فهاهنا كذلك.

وإن قلنا: لا يجوز، فإنما كان ذاك، لأن العقد الواقع بعشرة مخالف للعقد الواقع بتسعة، لأنه يقتضي أن الدرهم من العشرة في الصورة الأولى مقابل لعشر المبيع، وفي الصورة الثانية مقابل لتسع المبيع، ولذلك لو شهد بالعقد بعشرة، والآخر شهد بالعقد بعشرين، وأضافا إلى وقت واحد، وعين واحدة- لم يلفق، وهذا منتف في الإقرار.

وقد حكى الإمام في كتاب الإقرار: أنا [إذا] رددنا الشهادة [في الألف الزائد، لوقوع الشهادة] [به] قبل الدعوى لا لأجل الحرج، كما سنذكره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015