ثم إطلاق القاضي القول بجواز شهادة الوكيل لموكله بعد العزل يؤخذ [منه] أن الشخص إذا كان لولده حق على شخص، والقاضي يجهل أنه ابنه-: [أنه] يجوز له أن يشهد له.
ويظهر أن يجئ في الجواز ما ذكرناه في جواز الشهادة للفاسق في الباطن بما علمه إذا كان عدلًا في الظاهر.
قال: وإن جمع في الشهادة بين ما يقبل وما لا يقبل، ففيه قولان:
أحدهما: ترد في الجميع، لأن الصيغة واحدة، وقد ردت في البعض، فكذلك في البعض الآخر.
والثاني: تقبل في أحدهما دون الآخر، لاختصاص المانع به.
قال الرافعي: والخلاف كالخلاف المشهور في تفريق الصفقة، بل هو هو. ومن هنا يظهر لك أن الصحيح الثاني، كما صرح به النواوي، واختاره في ((المرشد)).
وقد أثبت بعضهم الخلاف المذكور وجهين، ومحله إذا كان ما لا يجوز لأجل التهمة، كما إذا شهد أنه اقترض من أبيه وأجنبي مالًا، ونحو ذلك. وأما إذا كان ما لا يجوز، لأجل العداوة، كما إذا شهد أنه قذفه وأجنبيًا، أو قطع عليه وعلى رفيقه الطريق- فها هنا ترد في الجميع قولًا واحدًا، لأن بهذه الشهادة ظهرت العداوة بين الشاهد والمشهود عليه، فردت شهادته عليه مطلقًا، كذا قاله البندنيجي في كتاب اللعان وغيره.
وعن كتاب ابن كج: أن أبا الحسين حكى عن بعض الأصحاب فيما إذا شهد أنه قطع علي وعلى رفقتي الطريق- أن في قبولها في حق الرفقة قولين، كالقولين فيما إذا شهد لنفسه ولشريكه، فإن شهادته لنفسه مردودة، وفي شهادته لشريكه قولان، وهذه الطريقة حكى الإمام مثلها في كتاب اللعان فيما إذا شهد: أنه قذفه وأجنبياً.
والصحيح الأول، ولم يورد العراقيون سواه.
وما قاله ابن كج من جريان القولين في سماع الشهادة بالنسبة إلى الشريك عند الشهادة لنفسه ولشريكه، مذكور في ((الإشراف)) أيضًا.