وأصحهما عنده: القبول، لأن المقصود بالشهادة في الحال المدعي، وهو أجنبي عنهما.
قال: ولا تقبل شهادة الجار إلى نفسه نفعًا: كشهادة الوارث للمورث بالجراحة قبل الاندمال، وشهادة الغرماء للمفلس بالمال- أي: بعد الحجر عليه- وشهادة للوصي لليتيم، والوكيل للموكل، أي: فيما فوض إليه النظر فيه.
الأصل في ذلك قوله تعالى: {وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا} [البقرة:282]، فأمر بالشهادة لنفي الريبة، والريبة: التهمة، وهي حاصلة في شهادة من ذكرناه.
وقد روي عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: ((لا تقبل شهادة خصمٍ، ولا ظنينٍ ولا ذي إحنةٍ)).
وروى طلحة بن عبد الله بن عوف أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث منادياً: ((أنه لا تجوز شهادة خصمٍ ولا ظنينٍ)) وقال الزهري: مضت السنة ألا تجوز شهادة خصم ولا ظنينٍ.
والظنين: المتهم، ووجه التهمة في حق الوارث: أن الجراحة قد تسري إلى نفسه، فيموت منها، ويصير هو المستحق، فيصير شاهدًا لنفسه.
وقيل: لأن المجروح مع بقاء الجراح: كالمريض، ولورثة المريض الاعتراض عليه في ماله، ومنعه من التصرف فيما زاد على ثلثه كاعتراضهم عليه بعد موته، ولا تجوز شهادتهم له بعد الموت، فكذلك في المرض.
قال الماوردي: وعلى هذا لو كان الجرح مما لا يسري مثله إلى النفس، لم تجز شهادته له أيضًا، وعلى التعليل الأول: تجوز.
ووجه التهمة في حق غرماء المفلس: أن ما يثبتونه له من المال يتعلق حقهم به حالة الشهادة، فأشبه ما لو شهد لعبده المأذون بمال، أو لشريكه بما هو مشترك بينهما، أو ببيع شريكه ما يثبت له فيه الشفعة قبل العفو، أو المرتهن