وعلى هذا لو خالف وحكم [فيه] جاز. قاله ابن شداد.
قال: ويستحب أن يجلس مستقبل القبلة؛ لما روى عبد الله بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لِكُلٍّ شَرَف، وَإِنَّ أَشْرَفَ المَجَالِسِ مَا استُقْبِلَ بِهِ الْقِبْلَهُ"، ولأن الجلوس للحكم بين الناس قربة وطاعة؛ فاستحب [له] فيه استقبال القبلة؛ كالصلاة والأذان.
وحكى ابن شداد عن ابن القاص أنه قال [في أدب القضاء]: ويجلس مستدبر القبلة، ووجهه مقابل لأهل المجلس، وهم مستقبلون القبلة؛ كمقابلة الخطيب للناس يوم الجمعة. وقد حكاه ابن أبي الدم عن رواية الشيخ أبي علي أيضاً.
قال: ويجلس وعليه السكينة والوقار؛ لأنه أعظم لهيبته وأدعى لطاعته.
قال الماوردي: وليكن أيضاً غاضَّ الطرف كثير الصمت، قليل الكلام، يقتصر من كلامه على سؤال [أو جواب]، ولا يرفع بكلامه صوتاً إلا زجراً من تأديب، وليقلل الحركة والإشارة، والذي ذكره [القاضي] أبو الطيب قلة الكلام؛ لأن كثرته تذهب الهيبة.
قال: من غير جبرية ولا استكبار؛ [كي لا يهابه] الخصوم وأصحاب الحقوق.
والجبرية- بفتح الجيم، والباء ثانية الحروف-: الكبر والتعاظم والارتفاع والقهر. ويقال: جَبَرُوةٌ- بالواو- وحُبُّورةٌ: بفتح الجيم وضم الباء المشددة، والاستكبار والكبر: أصله الأنفة مما لا ينبغي أن يؤنف منه.
قال القاضي أبو الطيب: ولا يليق به مد رجليه في المجلس، ولا الاتكاء.
ويحكى عن ابن أبي أحمد: الكراهية في الاتكاء؛ لما روي أنه- عليه السلام- أَبْصَرَ رَجُلاً جَالِساً وَقَدِ اتَّكَأَ عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى، فَقَالَ: "هَذِهِ جِلْسَةُ الْمَغْضُوبِ