يحكم بينهما؛ لأنه- عليه السلام- فَعَلَ ذَلِكَ، وَتَحَاكَمَ عُمَرُ مَعَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إِلَى زَيْدِ ابْنِ ثَابِتٍ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَ عُمَرُ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتى الحكم. نَعَمْ، لَوْ كَثُرَتِ المُحَاكَمَاتُ خَرَجَ إِلَى مَجْلِسِ حُكْمِهِ.

قال: [ولا يحتجب] إلا لعذر كما تقدم.

وظاهر هذا الكلام من الشيخ أن القاضي يصرف أوقاته كلها في الانتصاب لفصل القضاء، إذا لم يكن ثم عذر، وعليه ينطبق قول القاضي الحسين: إنه يكره للقاضي أن يعين يوماً أو يومين في الأسبوع للقضاء، بل ينبغي أن يكون مرصداً للقضاء في جميع الأوقات إلا في أوقات الاستراحة والأكل والشرب.

وفي "الحاوي": أنه يجعل زمان نظره معيناً من الأيام؛ ليتأهب الناس للتحاكم إليه، فإن كثرت المحاكمات ولم يتسع لها بعض الأيام لزمه النظر في كل يوم، ويكون وقت نظره من اليوم معروفاً؛ ليكون باقيه مخصوصاً في [أمور] نفسه ولراحته ودعته، وإن قلت المحاكمات واتسع لها بعض الأيام جعل يوم نظره في الأسبوع مخصوصاً بحسب الحاجة من يوم أو يومين أو ثلاثة، ويختار أن تكون [أيام نظره من الأسبوع: السبت والاثنين والخميس، فإن تجدد في غير] يوم النظر ما لا يمكن تأخيره، نظر فيه ولم يؤخره.

قال في "التهذيب": إنه لا يجوز أن يؤخر النظر إذا وقعت لإنسان خصومة، إلا أن يكون مشتغلاً بصلاة أو أكل أو مُهِمٍّ؛ فلا بأس بالتأخير إلى الفراغ [منه، والله أعلم].

قال: ولا يجلس للقضاء في المسجد؛ [لِمَا رَوَى] [ابْنُ] بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: "لَا وَجَدْتَهَا؛ إِنَّمَا بُنِيَتِ المَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللهِ- تَعَالَى- وَالصَّلَاةِ"؛ فدل على كراهة ما عداهما فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015