"الكافي"، وقالا: لأن التحليف ليس بحكم، بل هو قطع للخصومة. وقالا أيضاً: [إنه] إذا أقام المدعي على الابن بينة، فأراد الابن دفعها ببينة، لم يسمعها، [بل يسمعها] خليفته.
أما الحكم على من امتنع الحكم له، فلا شك في نفوذه في حق الوالد ومن في معناه، والعبد والأمة، وأما في حق نفسه فقد قال في "الحاوي": إنه يؤاخذ به، لكن لكون ذلك إقراراً أو حكماً؟ فيه وجهان، فإن قلنا: يكون إقراراً، صح فيما يصح الإقرار به، ويرد فيما لا يلزم الإقرار به؛ كشفعة الجوار إذا قال: حكمت بها على نفسي للجار. وإن [قلنا]: يكون حكماً على نفسه، فإذا حكم بها على نفسي للجار. وإن [قلنا]: يكون حكماً على نفسه، فإذا حكم [عليها] بشفعة الجوار لزمته، [وإذا حكم [على نفسه] بمقاسمة الإخوة الجد في الميراث، وكان جدّاً لزمه.
وعكس ما نحن فيه [العدو] إذا حكم عليه عدوه لا ينفذ حكمه، وإذا حكم له نفذ [حكمه، كما] حكاه القاضي الحسين والغزالي وغيرهما.
وفي "الحاوي" عند الكلام في التحكيم في نفوذ الحكم عليه ثلاثة أوجه:
أحدها: لا يجوز أن يحكم عليه بولاية القضاء ولا بولاية التحكيم؛ كالشهادة.
والثاني: يجوز بهما، بخلاف الشهادة، [والفرق: أن أسباب الحكم ظاهرة، وأسباب الشهادة] خافية؛ فانتفت التهمة عنه في الحكم، وتوجهت إليه في الشهادة، وهذا ما جزم به في "الأحكام السلطانية"، وقبل كتاب قاض إلى قاض كما ذكرنا.
وقال الرافعي لما وقف من كلامه على هذه الطريقة: وهذا يشكل بالتسوية بينهما في حق الأبعاض.
وفرق الماوردي بينهما بفرقين:
أحدهما: أن أسباب العداوة حادثة تزول بعد وجودها، وتحدث بعد عدمها،