خرجه صاحب "التلخيص": أنه لا يجوز له قبوله. لكن قد ذكرنا في باب الأذان: أنه كما يجوز أن يكون رزق المؤذن من بيت المال، يجوز أن يكون من مال الإمام أو واحد من الرعية.
وأطلق الماوردي وصاحب "البحر" في كتاب القسمة القول بأنه لا يجوز للقاضي أن يأخذ [شيئاً] من الرعية إذا لم يكن له رزق من بيت المال، وفرق بينه وبين القسمة بما سنذكره فيها، إن شاء الله تعالى.
وحكي [عن] ابن كج أنه قال: ذكر جماعة من فقهاء أصحاب أبي حنيفة والشافعي: إذا لم يكن للقاضي شيء من بيت المال فله أن يأخذ عشر ما يتولاه من أموال اليتامى والوقوف؛ للضرورة. ثم بالغ [في] الإنكار عليه، وقال: أي ضرورة في هذا؟! [إن لم يتفرغ للقضاء من غير رزق فليمتنع.
ومن ذهب إلى هذا] فكأنه ذكر العشر تمثيلاً وتقريباً، ولابد من النظر إلى كفايته وإلى قدر المال والعمل، والله أعلم.
تنبيه: في الرشوةِ وجَمْعِها أربعُ لغاتِ: رِشْوة ورِشَا- بكسر الراء في المفرد والجمع- ورُشوة ورُشاً- بالضم فيهما- ورِشَوْة- بالكسر، ورُشاً بالضم- وعكسهما، ورشوة- بالفتح- وقد رشاه يرشوه [رَشْواً]، وارتشى: أخذ رشوة، واسترشى: طلبها.
قال: ولا يقبل هدية ممن لم يكن له عادة بالهدية [له] قبل الولاية، أي: وإن لم يكن له حكومة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ"، وروي "سُحت"، وإذا كان ذلك في العامل، ففي القاضي أولى.