وهذا في وقت انتصابه للأحكام؛ كما نبه عليه كلام الشيخ الآتي من بعد، أما إذا اتخذه في غير وقت انتصابه للحكم لم يكره.

قال الماوردي: بل إذا احتجب عن الناس في ذلك الوقت كان أحفظ لحشمته وأعظم لهيبته، وكان بعض أصحابنا يقول: إنما يكره للقاضي اتخاذ الحاجب في زمان [الاستقامة وسداد أهله، فأما في زمان] الاختلاط والتهارج واستطالة السفهاء والعامة، فالمستحب له أن يتخذ حاجباً؛ لحفظ هيبته، [ومَنْع] استطالة الخصوم. قال في "البحر": وبهذا أقول في زماننا. وقال القاضي أبو الطيب في أوائل الباب: ويستحب [له] أن يتخذ حاجباً يقوم على رأسه إذا قعد، ويقدم الخصوم ويؤخرها، فإذا حكم بين الخصمين وقاما دعا بغيرهما.

وفي "النهاية": أن الصيدلاني ذكر وجهين في أن القاضي هل يتخذ حاجباً؟ ثم ذكر طريقين في محل الوجهين.

إحداهما: أنه إذا لم يجلس للحكم فلم ذلك، وإن جلس له ففيه وجهان.

والثانية: [عكس هذه].

قال الإمام: ولا معنى عندنا للخلاف، ولكن إن كثرت الزحمة وكانت المصلحة في اتخاذ حاجب ليمنع الزحمة اتخذه، وإن كانت المصلحة على خلاف ذلك اتبعها. وهذا منطبق على ما حكاه الشيخ وكذا صاحب "الكافي".

قال: ويأمره ألا يقدم خصماً على خصم، ولا يخص في الإذن قوماً دون قوم، أي عند الاستواء؛ حراسة للقلوب عن التباغض.

قال: ولا يقدم أخيراً على أول؛ لأن تقديم المتقدم واجب، ومخالفة ذلك حرام؛ ففي أمره بذلك تحامٍ عن الظلم.

والخصم- بفتح الخاء- يقع على الرجل والمرأة، والجماعة منهما- بلفظ واحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015