قطع عبدا له سرق، وأن عائشة – رضي الله عنها – قطعت أمه لها سرقت، ولم ينكر ذلك أحد.
وقيل: لا يقطعه؛ لأن ما يقطع فيه السارق مختلف فيه؛ فيحتاج إلى نظر واجتهاد، وهذا ما يحكي عن ابن سريج، وفرق بينه وبين الجلد بأنه يملك جنس الجلد في التعزيز، بخلاف القطع، وبأن له في إقامة الحد غرضا، وهو أن يخفي الحال فلا تنقص قيمته، والقطع يظهر لا محالة.
قال: والأول أصح؛ لما ذكرناه، وهو ما نسبه القاضي أبو الطيب والحسين والبندنيجي إلى نصه في "البويطي"، ووافق الشيخ على التصحيح أهل الطريقين، وقال الماوردي وغيره: وليس ما ذكر من التوجيه السابق بسالم؛ لأن السيد يملك قطع يد العبد للمصلحة من جهة أكلة تلحقه، وغرض الإخفاء غلط؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بإظهار العيب ونهى عن كتمانه؛ فقال: "إن كتما محقت بركة بيعهما"، والخلاف المذكور جار في أن السيد هل يقطع عبده في المحاربة وكذا قتله فيها؟ مخرج على أنه هل يقتل العبد إذا ارتد؟
قال: ولا يقطع إلا بمطالبة المسروق منه بالمال؛ لأن المال يدخله الإباحة، فيحتمل أنه أباح له أخذه، وبمطالبته ينتفي ذلك.
ولأن القطع فرع ثبوت المال، وثبوته فرع المطالبة؛ فلذلك توقف القطع عليها، ويقوم مقام مطالبة المالك [مطالبة] وكيله، كما صرح به البندنيجي وغيره.