ولو أقام المدعى عليه السرقة شاهدا وامرأتين أو شاهدا وحلفه معه، وانتفى القطع، وإن كانت الشهادة بالملك مطلقة، قال القاضي أبو الطيب: لأن الإطلاق يقتضي الملك في الحال، والظاهر مع دعواه أنه ملكه قبل ذلك؛ فكان شبهة في القطع.
وفي "الجيلي" وجه: أنه إذا أقر بالملك المطلق لا يسقط القطع، ويظهر جريانه إن صح في البينة – أيضا – [وقد رأيت ما حكاه الجيلي في كتاب "الأسرار" للقاضي الحسين].
قال: وإن وهب منه، أي: بعد الرفع إلى السلطان، قطع، والأصل [فيه]: "ما روى أبو داود عن صفوان بن أمية، قال: كنت نائما في المسجد على خميصة لي ثمن ثلاثين درهما، فجاء رجل فاختلسها مني، فأخذ الرجل فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به ليقطع، قال: فأتيته فقلت: أتقطعه من أجل ثلاثين؟! أنا أبيعه وأنسئه ثمنها، قال فهلا كان هذا قبل أن تأتيني به" وفي رواية أنه كان نائما، فجاء سارق فسرق من تحت رأسه. وأخرجه النسائي وابن ماجه. وفي رواية أخرى: "إني قد وهبتها له". وهي التي أوردها الفقهاء.
قال عبد الحق: ولا أعلمه يتصل من وجه يحتج به.
وعلى هذا فنقول: الهبة معنى يسقط المطالبة بالموهوب، فلم يسقط بها القطع؛