وفيه ثلاثة أوجه تقدمت، ثالثها: إن كان الراكب قويا لا يقاومه السارق لو انتبه فلا يجب القطع، وإن كان ضعيفا لا يبالي به السارق فعليه القطع، ولا اعتبار بيد الضعيف.
[فإن قلنا: لا يقطع في مسألة البعير ففي مسألتنا أولى؛ لأن الثياب التي على الإنسان أبعد عن يد آخذها من الجمل الذي تحته والبعير؛ فإن ثياب الإنسان في حكم جزء منه].
وإن قلنا بوجوب القطع ثم، انبنى على ما لو حمل حرا أو حبسه، فتلفت عليه ثيابه، والمذهب: أنه لا ضمان.
وأبعد بعض نقلة المذهب، فحكى وجها أن يد الغاصب ثبتت على الثياب، فعلى الأول: لا قطع، وعلى الثاني: إن كان المحمول ضعيفا ثبتت السرقة ووجب القطع، وإن كان قويا ففي السرقة وجهان، والظاهر – وإن ثبت الخلاف – عدم القطع.
آخر: لو سرق عبدا نظر: فإن كان نائما قطع، صغيرا كان أو كبيرا؛ كما قاله القاضيان أبو الطيب والحسين وابن الصباغ.
وأبدى الإمام فيما إذا كان [النائم] قويا بحيث لا يقاومه السارق لو انتبه نظرا في عدم القطع، مع جزمه بدخوله في ضمانه بذلك، ووجهه بأن مثل هذا العبد محرز بيد نفسه، فإذا احتمله ضعيف باحتيال فليس منتهيا من صون إلى ضياع. وعلى ذلك جرى الغزالي في "الوسيط"، وجزم في "الوجيز" بعدم القطع، ثم قال الإمام: وينشأ من هذا أن من جلس ببرية حيث لا مستغاث يجاب إليه، ومتاعه مخلوط، فاستغله ضعيف وأخذ المال، ولو شعر به صاحب المتاع لطره – فهل نقول: يعد هذا المال ضائعا بالنسبة إلى القوي؛ فلا قطع [على آخذه] وإن كان ضعيفا، أم نقول: يختلف الحكم بحسب اختلاف الآخذين؟ والرأي الظاهر عندنا: الثاني؛ كما أن أصل الإحراز يختلف باختلاف أصناف الأموال.
ولو كان العبد مستيقظا، فإن كان صغيرا لا تمييز له قطع، ولا فرق بين أن يحمله أو يدعوه فيتبعه؛ لأنه لا تمييز له فهو كالبهيمة تساق أو تقاد.