تعالى: {إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا} [التوبة: 28]، [وإن] كان نزول هذه الآية في سنة تسع من الهجرة، والمراد بالمسجد [فيها]: جميع الحرم؛ لأنه قد يعبر به عنه؛ قال الله تعالى: {سبحان الذي أسرى ليلا بعبده من المسجد الحرام} [الإسراء: 1]، وكان [من] بيت خديجة كما نقله الماوردي والبغوي، أو من بيت أم هانئ؛ كما قاله القاضي الحسين وغيره، وكلاهما في الحرم؛ ولا قائل بأنه يستعمل في مكة دون بقية الحرم.

ويدل على أن المراد ما ذكرناه سياق الآية، وهو قوله تعالى: {وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله} [التوبة: 28]، أي: إن خفتم انقطاع التجارة والميرة عنكم فاعتصموا بفضل الله، ومعلوم أن ما يجلب إلى البلد، لا إلى المسجد نفسه، وقد روى الشافعي – رضي الله عنه – بإسناده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينبغي لمسلم أن يؤدي الخراج، ولا لمشرك أن يدخل الحرم"، وروي أنه – عليه السلام – قال: "لا يجتمع مسلم ومشرك في الحرم"، وخالف الحرم الحجاز؛ لعظم شأنه: من النسك، وتحريم صيده وشجره؛ فكذلك لم نقس عليه.

وعلى هذا: إذا جلبوا تجارة أو حضروا لأداء رسالة أقاموا فيما وراء الحرم على النعت السابق، ويخرج إليهم من يقصد البيع لهم والشراء منهم، ويرسل الإمام من يسمع الرسالة، فإن أبوا إلقاءها إلا للإمام أو نائبه المقيم في الحرم خرج إليهم.

ثم حد الحرم من طريق المدينة: مسجد التنعيم، وهو على ثلاثة أميال، ومن طريق العراق: على سبعة أميال عند ثلة جبل بالمقطع، ومن طريق الطائف: على سبعة أميال أيضا عند طرف عرنة، ومن طريق اليمن: على سبعة أميال، ومن طريق الجعرانة: على تسعة أميال [من شعب أبي عبد الله بن خالد بن أسيد، وهو من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015