لهم إحداثها، وإن جعلوها مقصورة على أهل دينهم دون المسلمين، ففي تمكينهم من بنائها وجهان.
ولا فرق فيما ذكرناه بين ما خطه المسلمون كبغداد؛ فإن المستنصر خطها، والبصرة والكوفة؛ فإنهما خطتا في زمن عمر – رضي الله عنه – وكان تخطيط البصرة في سنة سبع عشرة من الهجرة على يد عتبة بن غزوان، وقيل: إنه لم يعبد بها صنم [قط]- وبين ما خطه المشركون وملكه المسلمون: إما عنوة، أو صلحا، ولم يشترطوا فيه إحداث شيء من ذلك، [أو أسلم] أهل تلك البلدة، كالمدينة على ساكنها أفضل – الصلاة والسلام – أما إذا شرط الإمام لهم في الصلح أن يحدثوا ما شاءوا من ذلك؛ نظر:
فإن كان في بلد فتحها المسلون عنوة، أو خطوها – فالصلح باطل. قال الأصحاب: وما يوجد في البصرة ونحوها من الكنائس لا ينقض؛ لاحتمال أنها كانت في قرية أو برية، فاتصلت بها عمارات المسلمين، فإن عرف إحداث شيء منها بعد بناء المسلمين وعمارتهم – نقض.
وإن كان في بلد فتحت صلحا ففي "الحاوي": أنه لا يجوز أيضا.
وعن الروياني في "الكافي" وغيره: أنه يجوز، وعليه ينطبق قول ابن الصباغ حيث قال: فإن صالحهم على أن تكون الدار للمسلمين ويؤدون الجزية إلينا، فيكون الحكم في البيع والكنائس على ما يقع عليه الصلح معهم من إحداث ذلك وعمارته، وهذا [ما] حكاه البندنيجي عن أبي إسحاق.
وإذا وجد في البلدة التي فتحت عنوة كنيسة أو بيعة ونحوها، فهل يجب هدم ذلك، أو يجوز مصالحتهم على إقرارها لهم بالجزية؟ فيه وجهان في الطريقين:
وجه جواز المصالحة على إبقائها، وهو الصحيح في "الحاوي": أثر ابن