أحد الوجهين؛ فإنها مواساة، وهذه معاوضة، وإن اختلفوا: فذكر بعضهم أنه أقرهم بدينار، وآخرون أنه أقرهم بأكثر منه – ألزم كلا منهم بما أقر به، ولا تقبل شهادة بعضهم على بعض، ويكتب الإمام في ديوان الجزية: أنه رجع فيه إلى قولهم حين أشكل عليه أمرهم فاعترفوا بكذا؛ لجواز أن يجد بينة عادلة تشهد بخلاف ما ذكروه فيرجع عليهم بالتفاوت، أما إذا عرف مقدار الجزية بأن استفاضت بها الأخبار، وانتشر ذكرها في الأمصار، أو شهد بها عدلان من المسلمين – اعتمد على ذلك، وهل يقوم مقام ذلك كونها في ديوان الجزية مكتوبة مع عدم الريبة لكونها تحت ختم؟ فيه وجهان في "الحاوي".
قال: ويأخذهم الإمام بأحكام المسلمين من ضمان المال والنفس والعرض، أي: بالنسبة إلى المسلمين؛ لأنهم يعتقدون وجوب ذلك، وقد التزموا إجراء حكم الإسلام عليهم بعقد الذمة؛ كما تقدم.
وأما بالنسبة إلى أهل الذمة وغيرهم فسيأتي الكلام فيه، إن شاء الله تعالى.
قال: وإن أتوا ما يوجب الحد بما يعتقدون تحريمه: كالزنى والسرقة، أقام عليهم الحد؛ لما روى مسلم عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا، فأمر [بهما] رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، قال عبد الله بن عمر: فكنت فيمن رجمهما، فلقد رأيته يقيها الحجارة بنفسه.
وفي رواية أبي داود: "يجنأ عليها يقيها الحجارة"، وخرجه البخاري.