الكتاب حتى يعطوا الجزية} الآية [التوبة: 29].

والقتال يعم الموسر والمعسر [الفقير]؛ فكذلك الجزية، وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: "خذ من كل حالم دينارا"، مع علمه بأن فيهم الفقراء، ولأن الجزية في مقابلة حقن الدم وسكني الدار، والغني والفقير فيهما سواء؛ فكذلك في وجوبها مع أن ما حقن به الدم لا يسقط بالإعسار [؛ كالدية، وما استحق به المقام في مكان لا يسقط بالإعسار] كالأجرة، وهذا ما نص عليه في سائر كتبه، واختاره [المزني و] النووي.

وعلى هذا قال: ويطالب بها إذا أيسر، أي: تعقد له الذمة، ويطالب بالجزية إذا أيسر كما يعامل في حالة الإعسار، ويطالب بالبذل عند يساره.

قال البندنيجي: فإذن على القولين تعقد له الذمة.

وحكى القاضي أبو الطيب وابن الصباغ عن أبوي علي؛ ابن أبي هريرة وصاحب الإفصاح احتمال وجه آخر على هذا القول: أنه لا يقر إلا بإعطاء الجزية فإن تمحل وحصل قدر الجزية في كل سنة وأداها؛ أقر، وإلا أخرج من دار الإسلام.

وحكى [القاضي] الحسين والفوراني أن من أصحابنا من قال: لا يترك في دار الإسلام مجانا قولا واحدا، وإنما القولان في أنه هل يضرب عليه، ثم يمهل إلى أن يوسر أو يلحق بالمأمن، وهذا ما اختاره في "المرشد".

قال: وإن كان فيهم من يجن يوما ويفيق يوما، فالمنصوص – أي: في باب "ما يرفع الجزية"-: أنه تؤخذ منه الجزية – أي: كاملة – في آخر الحول، ولا ينظر إلى الجنون المتقطع؛ تغليبا لحكم الأهلية ووجوب الجزية، وهذه طريقة الشيخ أبي حامد كما نقلها العمراني [في "زوائده" عنه]، والقائل بها يوجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015