"الوجيز" مصرح بالأول؛ فلعله أخذه من ظاهر كلامه في "الوسيط" من غير مراجعة غيره في ذلك الوقت، والله أعلم.

قال: وتؤخذ الجزية في آخر الحول؛ لأنه حق مالي يتكرر بتكرر السنين؛ فكان وقت أخذه آخر الحول كالزكاة والدية، وحكى الأصحاب قولين تظهر فائدتهما من بعد في أن الحول هل هو مضروب [للوجوب كالزكاة]، أو يتعلق الوجوب بأول الحول، والمدة مضروبة للأداء.

وفي "النهاية": أن عبارات الأصحاب قد اختلفت في إضافة الوجوب إلى أول السنة: فمن قائل: يجب الجميع بأول السنة ثم الاستقرار على التدريج، ومن قائل إنها تجب شيئا فشيئا، وعلى هذا يتخرج أن الإمام هل له أن يطالب بقسط ما مضى أم لا؟ وفيه وجهان حكاهما الإمام أيضا، والظاهر المنع؛ إتباعا لسير الأولين، وأنه هل يجوز للإمام أن يشترط تعجيل الجزية؟ فيه وجهان في "التهذيب"، ووجه الجواز إلحاقها بالأجرة.

فرع: إذا بلغ الصبي في أثناء الحول، واختار المقام عندنا – خير بين ثلاثة أشياء: بين أن يدفع عند تمام الحول قسط الماضي؛ ليكون حوله [مع] حول أصحابه، وبين أن يؤخر قسط بعض الحول إلى تمام الحول الثاني فيعطيه معه، وبين أن يصبر إلى أن يتم حول من [حين] بلوغه فيعطي ما عليه.

قال: ويؤخذ ذلك منهم برفق، كما تؤخذ سائر الديون [؛ لما روى أبو داود عن عروة بن الزبير: أن هشام بن حكيم بن حزام وجد رجلا – وهو على حمص – يشمس ناسا من النبط في أداء الجزية، فقال: ما هذا؟! سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا"، وأخرجه مسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015