والحمير، وظاهر كلام الشافعي – رضي الله عنه – يدل على أن بيان العلف لا يشترط؛ فإنه قال – كما حكاه ابن الصباغ وأبو الطيب-: إنه لو أطلق ذكر العلف لا يدخل فيه الشعير، وإنما هو التبن والحشيش. ولم يورد الماوردي غير المنصوص عليه، وقال: هو وغيره: إنه عند اشتراط الشعير يجب القيام به، قال: ويكون ذلك من جنس طعامهم وإدامهم؛ نفيا للمشقة عليهم.
قال الماوردي: فإن كانوا يقتاتون الحنطة ويتأدمون باللحم، كان عليهم أن يضيفوهم بذلك، وإن كانوا يتاتون الشغير ويتأدمون بالألبان، أضافوهم بذلك [وأما ما سواه] من الثمار والفواكه فإن كانوا يأكلون ذلك غالبا في كل يوم شرط عليهم في زمانها، وليس للأضياف أن يكلفوهم ما ليس بغالب لأقواتهم ودوابهم، ولا ذبح جمالهم ودجاجهم، ولا الفواكه النادرة والحلوى، ولا ما [لا] يتضمنه شرط صلحهم.
قال: ويقسم ذلك على عددهم، أي: إن استوت جزاهم وتنازعوا، كما صرح به البندنيجي والماوردي وغيرهما، وعلى قدر جزاهم، أي: إن اختلفت وتنازعوا؛ لأن هذا هو اللائق بالحال. وهذا بناه الماوردي على الصحيح في أن الضيافة تكون وراء الدينار، وحكى وجها آخر: أنهم متساوون في الضيافة، إن تفاضلوا في الجزية إذا جعلت الضيافة أصلا وجوزناه.
واعلم أن كلام الشيخ – رحمه الله تعالى – يقتضي أمرين:
أحدهما: جواز ضرب الضيافة على عددهم من غير بيان ما على كل واحد منهم في الابتداء كما حكيناه من قبل، وفي كلام القاضي الحسين ما يتنازع في ذلك؛ فإنه قال: وعلى الإمام أن يبين لكل واحد [منهم] عددا معلوما يضيفه في كل شهر أو جميع السنة، وعلى هذا ينبغي أن ينزل كلام الشيخ أيضا بأن يقرأ: ويقسم – بفتح الياء وإسكان القاف – ويكون الضمير عائدا إلى عاقد الذمة لكن الظاهر الأول.
الثاني: أنها تضرب على الغني والمتوسط [والفقير] المعتمل الذي تقدم