فإن من تنصر من الأعراب قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وهم بهراء وتنوخ وبنو تغلب، لما طلب عمر منهم الجزية أبوا من دفعها؛ أنفة من ذل الجزية، وقالوا: نحن عرب لا نؤدي ما تؤدي العجم! خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض. وعنوا به الصدقة، فقال عمر – رضي الله عنه – لا آخذ من مشرك صدقة فرضها الله – تعالى – على المسلمين طهرة، فقالوا: [خذ] منا ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية، فأبى؛ فارتحلوا، وأرادوا أن يلتحقوا بالروم؛ فصالحهم عمر – رضي الله عنه – على أن يضعف عليهم الصدقة ويأخذها جزية باسم الصدقة، وكان بمحضر من الصحابة – رضي الله عنهم – فلم ينكره منكر.

وحكى الإمام والرافعي وجها: أن هذا العقد يختص بالعرب؛ اقتصارا على ما نقل عن عمر – رضي الله عنه – ولا يبعد تخصيص العرب بمزية، وهذا كما أن الرق يجري على العجم بلا خلاف، وفي جريانه على العرب الخلاف السابق.

ثم إذا فعل الإمام أو نائبه ذلك لمصلحة اقتضاها رأيه، فقال: ضعفت عليكم الصدقة، أخذ من الداخلين في العقد الملتزمين الجزية من [كل من] ملك خمسا من الإبل شاتين، ومن [كل من] ملك أربعين من الغنم شاتين، ومن كل من ملك من البقر ثلاثين تبيعين، ومن كل من ملك عشرين مثقالا من الذهب دينارا، ومن [كل من] ملك مائتي درهم عشرة دراهم، ومن كل من ملك وسقا من الحبوب أو الثمار الخمس إن كان قد سقاه بماء السماء، والعشر إن كان قد سقاه بنضح أو دالية، ومن كل من ملك ركازا أو استخرج من معدن شيئا الخمس على الشرط المعتبر [فيه]، وهذا مما [لم] يختلف فيه الأصحاب، واقتدوا فيه بفعل عمر – رضي الله عنه – نعم، اختلفوا في أمور:

منها: [أنا هل] ننصف النصاب كما ضعفنا المأخوذ؟ فيه قولان في "تعليق" القاضي الحسين وغيره:

أحدهما - رواه الربيع -: أن ما كان عفوا في المسلمين من وقص أو دون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015