قال: فإن غسل بدل التراب بالجص أو الأشنان- أي: وما في معناهما: كالصابون ونحوه- ففيه قولان، أي: منصوصان في "الأم":

أصحهما: أنه يطهر؛ لأنه جامد أمر باستعماله في النجاسة، فقام ما هو في معناه في تحصيل المقصود مقامه كما في الاستنجاء.

ومقابله: أنه لا يطهر؛ لأنه جامد عين للتطهير؛ فلا يقوم غيره مقامه؛ كما في التيمم.

واختلف الأصحاب في محلهما على ثلاثة طرق، حكاها القاضي الحسين:

أحدها: أن محلهما إذا لم يقدر على التراب؛ فإن الشافعي- رضي الله عنه- حيث [نص] عليهما فرض المسألة إذا كان في بحر، فإن كان يقدر عليه فلا يطهر قولاً واحداً.

ومنهم من قال: بل محلهما إذا قدر على التراب، أما إذا لم يقدر عليه، فيجوز قولاً واحداً.

ومنهم من قال: القولان في الحالين؛ وهذه الطريقة صححها الروياني، وهي طريقة أبي إسحاق، ولم يحك العراقيون والماوردي معها غير الأولى.

ويجيء من مجموع الطرق في المسألة ثلاثة أقوال، ثالثها: يقوم ذلك مقام التراب عند العجز عنه، ولا يقوم مقامه عند القدرة عليه، وبها قال أبو الطيب [بن سلمة]؛ كما حكاه الماوردي، وهي التي حكاها الإمام.

وفي "التتمة" و"الوسيط": [أن] من الأصحاب من جوز ذلك في الثوب دون الإناء؛ لأن التراب يفسد الثوب، وقد نسبه الروياني إلى القفال، وهو بعيد.

وقد جعل في "الوسيط" مأخذ الخلاف في المسألة: أن التعفير تعبد محض، أو معلل بالاستطهار بغير الماء؛ ليكون فيه مزيد كلفة وتغليظ، أو معلل بالجمع بين نوعي الطهور؟

فعلى الأول: لا يقوم الصابون والأشنان مقامه عند الوجود، وعند العدم وجهان.

وعلى الثاني: يجوز في الحالين.

وعلى الثالث: لا يجوز في الحالين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015