وفي "تعليق أبي الطيب": أن ابن القاص حكى أن الشافعي قال في القديم: يغسل دفعة واحدة، وفارق الكلب؛ لأنه مخالط مألوف لهم؛ فغلظ فيه زجراً [كما غلظ الحد في الخمر زجراً] دون غيره من المحرمات التي لا تؤلف، ولا كذلك الخنزير، ولأن في ولوغ الكلاب الكلب؟ فاعتبر فيه العدد؛ حذاراً منه، ولا كذلك الخنزير.
والصحيح الأول، بل قال أبو علي الزجاجي: طلبت ما نسب إلى القديم فلم أجده؛ ولهذا قطع بعضهم بنفي القول القديم.
ومنهم من يقول: الذي ذكره في القديم: أنه يغسل، ولم يقل مرة واحدة؛ فنحمله على الغسل سبعاً.
فإن قيل: قد روى مسلم عن عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفروه الثامنة بالتراب"، وهذا يقتضي أن تكون الغسلات ثمانياً.
قلنا: أخبارنا تدل على السبع، ويحمل هذا الخبر على ما إذا غسل السبع بالماء وحده؛ فإنه يجب عليه أن يغسله ثامنة بالتراب.
وقال ابن الصباغ: المراد إقامة التراب في واحدة من السبع مقام ثامنة؛ لأنه أحد الطهورين. وهذا أقرب؛ لأن الخصم وهو الإمام أحمد يقول: يغسله سبعاً بالماء، والثامنة يعفره بالتراب وحده.
ثم المستحب- كما نص عليه في "حرملة": أن يجعل التراب في الغسلة الأولى؛ للخبر، واعتضاده بالنظافة؛ فإنه إذا جعله فيها، ورد بعدها ما يزيله، بخلاف ما إذا جُعِلَ في الأخيرة.
وبعض الأصحاب يقول: يستحب أن يكون في الثانية.
وبعضهم يقول: يستحب أن يكون فيما قبل الأخيرة.
ولا يكفي وضعه بدون مائع كما أفهمه كلام الشيخ، وما استدللنا به من الخبر، وهو يقتضي- أيضاً- أن يستعمل مع الماء، ولا يضر وضعه على المحل، وصب الماء فوقه، ولا وضعه في الماء وغسل المحل به كما قاله المتولي وغيره.