والحياة لا تفيد طهارة ما ذكرناه؛ فالذكاة أولى.

ووجه الأولوية: أن الدباغ يفيد طهارة الجلد فقط والحياة تفيد طهارة جملة الحيوان.

وقد ألحق بعض الأصحاب بذلك كما حكاه ابن الصباغ وغيره جلد الآدمي إذا حكمنا بنجاسته، لكن من جهة أن دباغه معصية؛ فإن فيه امتهاناً [له].

وقد قيل: إنه لا يتأتى دبغه، فإن تأتي، فظاهر كلام الشيخ وغيره طهارته بالدباغ؛ فإنه لا امتهان فيه، وإنما الامتهان في استعماله، وهو لا يجوز بحال.

قال: ويحل بيعه، أي: ويصح في أحد القولين؛ لأنه جلد طاهر منتفع به؛ فجاز بيعه؛ كجلد المذكى، وهذا هو الجديد.

ومقابله محكى عن القديم: أنه لا يجوز؛ لأن النص ورد بالانتفاع فيختص به، ولو صح بيعه لكان الانتفاع بثمنه، لا به، ومثل ذلك أم الولد والعين الموقوفة يجوز الانتفاع بهما، ولا يجوز بيعهما، وهذا ما ذكره العراقيون من التوجيه، وجزموا مع ذلك بطهارة باطن الجلد كظاهره، وقال القفال: لا ينقدح هذ القول إلا أن نقولك يطهر بالدباغ ظاهر الجلد دون باطنه، وهذا قد حكاه القاضي الحسين عن القديم، وفرع عليه- أيضاً- عدم جواز الصلاة فيه والانتفاع به في الأشياء الرطبة.

قال الماوردي: وإذا قلنا: لا يجوز بيعه، إذا أتلفه متلف، لا يجب عليه غرمه، حكاه في كتاب السرقة، والصحيح الأول؛ فإنه روي عن ميمونة أنها قالت: "ماتت شاة لنا، فدبغنا جلدها، وكنا ننبذ فيه حتى صار شنّاً" والشن: القربة البالية.

وقد قال الإمام عقيب حكاية القول الثاني ونسبته إلى القديم: ومعتقدي: أن الأقوال القديمة ليست من مذهب الشافعي حيث كانت؛ لأنه جزم القول على مخالفتها في الجديد، والمرجوع عنه لا [يكون] مذهباً للراجع. وهذا رأي لبعضهم سبق به كما حكيته في أول باب ما يفسد الصلاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015