يا رسول الله، أخللها؟ قال: "لاَ، أَهْرِقُهَا".
وظاهر كلام الشيخ [يقتضي:] أنه لا فرق في ذلك بين المحترمة وغيرها، وبين التخليل بإلقاء شيء فيها أو نقلها من الظل إلى الشمس، وعكسه، ونحو ذلك.
والعراقيون أطلقوا القول في التخليل إن كان بإلقاء شيء فيها لا يطهر، وإن كان بالنوع الثاني ففي الطهارة وجهان من غير تفرقة بين المحترمة وغيرها.
واختار في "المرشد" عدم الطهارة.
والمراوزة قالوا: التخليل حرام، وفي المحترمة وجه أنه لا يحرم؛ لأنها غير مستحقة الإراقة.
قلت: وهذا التعليل نخصه بالنقل من الشمس إلى الظل ونحوه دون التخليل بإلقاء شيء فيها من خل أو عصير أو خبز حار ونحو ذلك، وكلام الرافعي في حكايته يقتضي جوازه بذلك أيضاً، وإن صح فلعله قول من يرى أن الخمرة المحترمة طاهرة كما سلف، والمذهب الأول.
ولو خللت غير المحترمة بإلقاء شيء فيها لم تطهر لعلتين:
إحداهما: سلفت.
والثانية: أن ما ألقى فيها نجس بملاقاتها، فإذا زالت الشدة المطربة بقيت نجاسة الملقى؛ فينجس بها الخل؛ وهذا ما حكاه القاضي الحسين عن أبي يعقوب، وقال هو والإمام: إنه فاسد؛ فإنه لا معنى لتنجس الملح إذا كان هو الملقى مثلاً إلا اتصال الخمر، وجوهر الملح على الطهارة، فإذا انقلبت الخمر خلا فمن ضرورة ذلك أن تنقلب تلك الأجزاء التي لاقت الملح، فتطهر؛ كالدن.
وهذا قد تعرض الغزالي وغيره لجوابه، حيث قالوا: الملح إذا تنجس بالخمر لا