قال: وإن قطع أحدهما كفه، والآخر ذراعه، [أي:] الذي كان الكف فيه؛ فمات – فهما قاتلان؛ لأن قطع الأول علق منه الألم بالأعضاء الشريفة؛ وهي الكبد والقلب والدماغ، واتصل بها من قطع الثاني مثلها؛ فتعاون الكل على الإزهاق؛ فتساويا في وجوب القود؛ كما لو قطع أحدهما يده اليمنى، والآخر اليسرى؛ فسرى إلى نفسه، وهذه العلة – كما قال القاضي أبو الطيب – صرح بها الشافعي.

قال: وإن قطع أحدهما يده، [وحز] الآخر رقبته، أو قطع حلقومه، أو مريئه، أو أخرج [حشوته]، أي: أبانها [منه]؛ كما قاله المحاملي والماوردي والقاضيان الطبري والحسين – فالأول جارح؛ أي: يجب عليه القصاص في اليد وديتها، والثاني قاتل؛ لأنه قطع بفعله سراية الأول، وأزهق فعله الروح؛ فوجب عليه القصاص؛ كما لو اندمل جرح الأول، ثم قتله الثاني. ولا فرق في ذلك بين أن يتوقع [البرء من الجراحة الأولى، أو لا يتوقع]، ويتيقن الهلاك منها بعد يومين أو ثلاث.

نعم لو انتهى في الأولى إلى حركة المذبوحين؛ وهي [التي لا] يبقى معها الإبصار والإدراك، والنطق والحركة الاختياريان – لم يكن لحز الرقبة معنى، وهو كما لو فعل ذلك بعد الموت، فيعزَّر.

والحشوة – بكسر الحاء وضمها: لغتان مشهورتان –هي الأمعاء، وحكم شق البطن أولاً من غير إخراج الحشوة، أو خرقها من غير [إبانة] بحيث حكم أهل البصائر بأنه يموت لا محالة؛ إذا صدر من واحد، ثم صدر من غيره إخراج الحشوة [أو إبانتها] أو حز الرقبة – حكم قطع اليد أولاً، وحز الرقبة، أو ما في معناه ثانياً؛ لأن بشق الجوف لا تزول الحياة المستقرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015