[قال]: باب من يجب عليه القصاص، ومن لا يجب القصاص - بكسر القاف، كما قال الأزهري-: المماثلة، وهو مأخوذ من "القص"، وهو القطع.
وقال الواحدي وغيره من المحققين: هو من اقتصاص الأثر، وهو تتبعه؛ لأن المقتص يتتبع جناية الجاني؛ فيأخذ مثلها، ويقال: اقتص من غريمه، واقتص السلطان فلاناً، أي: أخذ له قصاصه، واستقص فلان فلاناً: طلب قصاصه منه.
والأصل في وجوب القصاص: قبل الإجماع:
من الكتاب: قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} [البقرة: 178]، وقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً} [الإسراء:33] وهو القصاص بالاتفاق.
وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة:179] أي: فإن الإنسان إذا علم أنه إذا قَتَلَ كف عن القتل، وقد كانت العرب تقول: القتل أنفى للقتل. وقيل: المخاطب في الآية أولياء المقتول؛ فإن القاتل انشأ بينه وبينهم عداوة بسبب القتل؛ فيكون حريصاً على قتلهم [أيضاً]، فإذا قتلوه حيوان قاله المتولي.
وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} إلى آخرها [المائدة:45].
وجه الدلالة منها- على قراءة النصب - أنها وإن كانت حكاية عن شَرْع من قبلنا فهي شرع لنا؛ لأن شرع من قبلنا شرع لنا في أصح الطريقين - كما قاله الماوردي عند الكلام في قلع العين بالإصبع- إذا لم يَرِد في شرعنا ما ينسخه، ولم رد. وفي طريقة أخرى يكون شرعاً لنا إذا قام عليه الدليل، وقد قام عليه