قلت: إن صح ما ذكره عن نسخة المصنف فالوجه أن يحمل قوله: "وإن لم يتحقق"، على حالة الشك؛ فإنه لا يبر فيها عند العراقيين كما حكيناه عنهم، وهو أهون من مخالفة المذهب. وأيضاً: فإن محل خلاف المزني – على ما حكاه ابن يونس، والشيخ في "المهذب"، والرافعي، والغزالي – حالة الشك، وإن كان ابن الصباغ حكاه في حالة غلبة الظن بالإصابة، والله أعلم.
قال: والورع أن يكفر؛ لاحتمال عدم الإصابة.
قال الجيلي: وهذا لم يتعرض له الشيخ في كتاب "المهذب"، ولا أحد سوى صاحب "الحلية"، ولعل وجهه أن يقال: إن إعادة الضرب زيادة في التعذيب.
وفي "التهذيب" حكاية عن النص: أن الورع أن يحنث نفسه.
قال: وإن حلف: ليضربنه مائة ضربة، فضربه بالمائة المشدودة دفعة واحدة، أي: وتحقق أن الجميع أصابه – فقد قيل: يبر؛ لأنه حصل بكل سوط ضربة؛ بدليل أنه يجزئ في حد الزنى، وإذا كان كذلك فقد تحقق البر.
قال: وقيل: لا يبر؛ لأن الكل يسمى ضربة واحدة؛ بدليل ما لو رمى في الجمار سبع حصيات دفعة واحدة؛ فإنه لا يحتسب له سبع حصيات، وصار هذا كما لو قال: مائة مرة؛ فإنه لا يبر ما لم يضربه مائة ضربة، وهذا هو الأظهر، وهو الذي أورده الصيدلاني، والفرق عند قائله بين هذه وبين المسألة الأولى: أنه ثم جعل العدد للأسواط وهي متعددة، وهاهنا جعل العدد للضربات؛ فلابد من تعددها.
وعنده – أيضاً -: أنه لابد من تواليها حتى تقع الضربة بعد الضربة حتى تتنجز الضربات المذكورة، قاله الإمام وغيره.