فروع:
أحدها: إذا قال عقيب حلفه على الكلام: تنح عني، حنث؛ على الأصح، وفيه وجه: أنه لا يحنث.
قال صاحب "البيان": وهو كالوجه المحكي فيما إذا قال لزوجته: إن كلمتك فأنت طالق، فاعلمي ذلك، وقد حكيناه أيضاً.
الثاني: يحرم على الْمُسْلِمِ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ للحديث، وإذا كتب إليه أو أرسل فهل يخرج من مأثم الهجران؟ فيه وجهان، ووجه الخروج: أن القصد بالتكليم: إزالة ما بينهما من الوحشة، وذلك يزول بالمكاتبة والمراسلة، وهذا الخلاف فيما إذا كاتبه أو راسله فيما ليس بشر، أما إذا كاتبه في شر فإنه لا يخرج عن مأثم الهجران وجهاً واحداً؛ لأن ذلك يزيده.
الثالث: إذا قيل له: كلم فلاناً اليوم، فقال: والله لا كلمته- كانت يمينه على الأبد، إلا أن ينوى اليوم، ولو كان ذلك بالطلاق والعتاق لم يقبل في الحكم، قاله ابن الصباغ وغيره.
وفي "التمة": أن اليمين المطلقة محمولة على ذلك اليوم؛ على الصحيح؛ كما لو حلف: لا يدخل الدار، فدخل أول دهليزها؛ ولهذا قال الشافعي: لو قال رجل لآخر: تعالَ تغد معي؛ فقال: والله، لا أتغدى- انعقدت يمينه بالأكل معه في تلك الحالة؛ حتى لو أكل بعده أو مع غيره في يوم آخر- لم يحنث.
وما قاله ابن الصباغ يناظر ما أجاب به القاضي الحسين؛ حيث سئل عن امرأة صعدت السطح بالمفتاح، فقال الزوج: إن لم تلق المفتاح من السطح فأنت طالق، فلم تلقه ونزلت- من أنه لا يقع الطلاق، ويحمل قوله: إن لم تلقه، على التأبيد، واستدل له بأن الأصحاب قالوا فيمن دخل على صديقه، فقال: تغد معي، فامتنع، فقال: إن لم تتغد معي فامرأتي طالق، فلم يفعل- لم يقع الطلاق، ولو [تغدى] بعد ذلك يوماً