قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا يَمَسَّ الُقْرآنَ إِلا طَاهِرُ".

قال: وحمله؛ لأنه في معناه.

قال: والجلوس في المسجد؛ لقوله- عليه السلام-: "إِني لا أُحِلُّ المَسْجِدَ لِجُنُبِ وَلاَ حَائِضٍ" رواه أبو داود؛ ولأن حدثها أشد من الجنابة، وقد قال- سبحانه وتعالى- فيها: {وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43].

قال بعضهم: لو قال الشيخ: "واللبث في المسجد" كما قال في الجنب- كان أحسن من قوله: "الجلوس"؛ إذ يوهم أن القيام جائز، وقد رأيته كذلك في بعض النسخ.

وإذا حرم اللبث حرم الاعتكاف؛ لأنه لبث مخصوص.

قال: وقيل: يحرم عليها العبور فيه؛ حذاراً من التلويث؛ فإن الدم قد يزيد؛ فيلوث المسجد، وهو ظاهر نصه؛ فإنه قال: "وأكره مر الحائض في المسجد"، وهو الأصح في "النهاية"، ولم يحك الماوردي هنا غيره.

[قال:] وقيل: لا يحرم؛ كما لا يحرم على الجنب، وهذا اختيار أبي إسحاق وابن سريج، وإليه ميل ابن الصباغ، وهو الأصح عند الرافعي، ولم يحك البندنيجي والشيخ في "المهذب" غيره، وكذا الماوردي في كتاب الصلاة.

ومحل الخلاف إذا أمنت التلويث بأن تلجمت، واستثفرت على العادة، والدم على العادة، فإن تركت ذلك، أو جاوز الدم قدر العادة- حرم وجهاً واحداً.

قال الرافعي وغيره: وهذا ليس من خاصية الحيض؛ بل المستحاضة ومن به سلس البول، ومن به جراحة نضاحة، يخشى من مروره التلويث- ليس له العبور.

وقد رأيت في "تعليق القاضي أبي الطيب" عند الكلام في الصلاة على الميت في المسجد: أن الحائض إذا لم تكن قد استحكمت [من] نفسها، واستوثقت، فإنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015