الإيجاب على الظهار،] وكيف يصح هذا وقد فصل بين الإيجاب والقبول؟! قلت: أما الاعتذار عن هذا فسهل؛ لأنا قد حكينا وجهين في كتاب النكاح في أن الفصل بكلام أجنبي عن العقد هل يكون قاطعاً للقبول أم لا؟ فلعل ابن الحداد- إن صح عنه هذا- يعتقد أنه لا يضر. نعم: ما قاله ابن الحداد إنما يحسن إذا كان يعتقد انتقال الملك إلى المشتري بنفس العقد، وأن النكاح ينفسخ به.
أما إذا قلنا: إنه لا ينفسخ به- كما حكيناه في باب ما يجوز من النكاح: أنه ظاهر النص- فلا يحسن منه أن يعتقد أن ذلك ليس بعود؛ لأن ذلك كالإتيان بكلمات الشهادة [في اللعان]، وهو يعتقد أنها عود.
قال: وإن ظاهر منها ظهاراً مؤقتاً، أي: وصححناه [مؤقتاً]، فأمسكها زماناً يمكن فيه الطلاق- صار عائداً كما في المطلق، وهذا ما أجاب به المزني.
وقيل: لا يصير عائداً إلا بالوطء، أي: في المدة؛ لأن الحل منتظر بعد المدة، فالإمساك يحتمل أن يكون للحل، ويحتمل أن يكون لأجل الوطء في المدة، والأصل فراغ ذمته من [التزام الكفارة]، وإذا وطئ فقد تحقق الإمساك لأجل الوطء، وهذا هو الصحيح وظاهر النص، وعلى هذا [هل] يحصل العود عند الوطء أو بالوطء نتبين أنه صار عائداً من وقت الإمساك عقيب الظهار؟ فيه وجهان: الذي ذهب إليه الصيدلاني والقاضي الحسين وغيرهما: الثاني.
وادعى الرافعي أن الأول أشبه. وعلى ذلك ينبني حل الوطء.
فإن قلنا بالثاني كان الوطء حراماً، كما لو قال لزوجته: إن وطئتك فأنت طالق قبله؛ فإنه لا يجوز له الإقدام على الوطء.
وإن قلنا بالأول كان له الوطء، لكن يجب عليه إذا غَيَّبَ الحشفة أن ينزع، كما ذكرنا فيما إذا قال: إن وطئتك فأنت طالق.