تستقر في الذمة، وإنما شرعت لاستباحة الوطء كالرجعة، ودليلنا عليه: أن الله- تعالى- علق وجوبها بوجود أمرين عقوبة له، فإذا وجِدَا وجبت واستقرت ككفارة الجماع، وقوله- تعالى-: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: 2]، تغليظٌ ضُمَّ إلى [أصل] العقوبة؛ للمبالغة في الرجوع والزجر، كما ضم التغريب إلى الجلد في الزنى.
وفيها- أيضاً- إشارة إلى أن العود لا يسقطها كما أن الجماع في الإيلاء يحُلُّ اليمين، ولا يوجب الكفارة على القديم، ويجوز أن يكون لنفي [قول] من قال: إنه إذا عجز عن جميع الخصال لا يثبت في ذمته؛ بناءً على أن الاعتبار بحال الوجوب؛ فإن الصحيح من المذهب: أنها لا تسقط، بل تثبت في الذمة.
قال: فإن مات قبل إمكان الطلاق، أي: لكونه مات عقيبه، أو لكونه جن عقيب الظهار ومات ولم يفق، أو عَقَّب الظهار بالطلاق- لم تجب الكفارة؛ إذ لم يوجد العود الذي هو سبب الوجوب أو شرطه، أما إذا أفاق فلا يكون عائداً ما لم يمض زمان يمكنه أن يطلق فيه، فلم يطلق.
وذكر الشيخ أبو علي أن بعض الأصحاب جعل كون الإفاقة في نفسها عوداً، على الخلاف الآتي في الرجعة. ولا فرق في الطلاق بين أن يكون بائناً أو رجعيّاً، لأن بالبائن تزول الزوجيَّة بالكلية، وبالرجعيِّ تصير جارية إلى البينونة؛ فلم يحصل الإمساك على حكم الزوجية.
ويقوم مقام الطلاق في هذا الغرض فسخ أحد الزوجين النكاح، وانفساخه بسبب من جهته، وكذا ارتداد أحد الزوجين [وإسلامه] إذا كان مجوسيين، وإسلام المرأة خاصة، إذا كان الزوج كتابيّاً، وكان الإسلام بعد الدخول؛ لما ذكرناه في الطلاق الرجعي.
قال: وإن ظاهر من رجعية، لم يصر بترك الطلاق عائداً؛ لما ذكرناه.
قال: فإن راجعها، أو بانت [منه] ثم تزوجها، وقلنا بعود الظهار [فهل