فلو لم يرد عليه بعض ما أخذ، ولكن ردّ عليه غيره، فهل [يجزئه ذلك؟] ينظر:

إن كان من غير الجنس، كما إذا كاتبه على دراهم فأعطاه دنانير، لم يلزم العبد القبول، وكذا لو أعطاه دراهم من غير التي أدَّاها إليه على رأيٍ لأصحابنا. نعم، لو رضى بذلك جاز في الصورتين.

ومن أصحابنا من قال: إذا دفع إليه من نوع ما قبض منه جاز، وإن لم يرض؛ لأنّ ذلك ليس بآكد من الزكاة، ولو عدل فيها من العين إلى جنسها جاز.

والقاضي الحسين أجاب بهذا الوجه؛ بناءً على أنَّ الإيتاء هو الأصل كما هو وجه، وقضيته: أن يكون الراجح خلافه؛ لأنّ القول بأن الإيتاء هو الأصل مرجوح- كما سنذكره- وعلى ذلك جرى البندنيجي وابن الصباغ والماوردي، وجعلوه ظاهر المذهب.

وحكى في "البحر" عن بعضهم أنَّ من قال بإجزاء الإعطاء من غير المدفوع فقد غلط؛ لأنه مخالف لظاهر الآية. ثم حكى أنّ القاضي الطبري قال: إن المشهور الإجزاء، وإن من قال بأنه لا يجزئ؛ أخذاً من قول الشافعي- رضي الله عنه-: "ويعطيه ما أخذ"- فقد غلط؛ لأن الشافعي- رضي الله عنه- أراد: من جنسه لا من عينه، قال الروياني: وهذا أصح عندي.

وقال الإمام فيما إذا أعطى من غير الجنس: إني وجدت في بعض كلام الأئمة ما يدل على أنَّه يجزئ؛ لأن هذا يلحق بالمعاملات.

تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أن الحط هو الواجب؛ فإذا لم يفعله وجب الإيتاء، وهذا ظاهر نصَّ الشافعي- رضي الله عنه- في "الأم" حيث قال: "ويجبر [سيد] العبد على أن يضع عنه مما عقد عليه الكتابة شيئاً"، وعلى ذلك جرى بعض الأصحاب؛ فإنه لا فائدة في الأخذ منه، ثم الدفع إليه.

وبعضهم قال: الأصل في الوجوب الإيتاء، ومعناه: أنَّه إذا أدّى جميع النجوم يؤتيه السيد مالاً [يتجر فيه] أياماً، ليهيئ أمر نفسه، والحط يقوم مقامه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015