أبو ذر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " [إِنَّ] الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورُ المُسْلِمِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدِ المَاءَ عَشْرَ سِنِينَ، فَإِذَا وَجَدَ المَاءَ فَلْيُمِسَّهُ بَشَرَتَهُ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرُ". قال الترمذي: وهذا حديث حسن صحيح.

ولأنه قدر على المبدل قبل تلبسه بالمقصود- وهو الصلاة- فوجب الإتيان به، وبطلان البدل؛ كما لو رأى الماء في أثناء التيمم؛ فإن الإجماع على أنه يبطل.

فإن قيل: الفرق بينهما: أن بالفراغ من البدل قبل القدرة على مبدله- تم الأمر؛ فلا ينقض؛ كما إذا رأت المعتدة بالأشهر الدم بعد فراغ الأشهر- لا تنتقل إلى الأقراء، ولا كذلك قبل الفراغ منه؛ ولهذا قال أبو موسى الأشعري، و [أبو سلمة بن] عبد الرحمن بالتفرقة.

قلنا: هذا الفرق إنما يتم إذا قلنا: إن الإجماع بعد الاختلاف لا يؤثر، أما إذا قلنا: إنه مؤثر، فهو ملغًى؛ لأن الإجماع قد انعقد بعد موت أبي سلمة على بطلانه.

وعلى الأول: فالفرق بين ما نحن فيه والعدة: أن مقصودها براءة الرحم؛ بدليل وجوبها وإن لم ترغب في زوج، وقد حصل بالأشهر، والتيمم مقصوده الصلاة؛ بدليل عدم وجوبه على من لم يردها.

تنبيه: الألف واللام في "الماء" للعهد، وهو الماء الذي يقع في نفسه أنه يجب عليه استعماله، ولو على بعد. فلو رأى ماء علم حال رؤيته أنه لا يكفيه لطهارته، وقلنا: لا يجب عليه استعماله- لا يبطل تيممه؛ كما صرح به ابن الصباغ وغيره.

وكذا لو رأى ماء علم حال رؤيته أنه لا يقدر على استعماله؛ لحائل حسي أو شرعي- لا يبطل.

ولو توقع حال رؤيته أنه يكفيه، أو أنه لا مانع من استعماله، ثم ظهر خلافه- بطل.

وقد اعترض بعضهم على عبارة الشيخ، فقال: لو قال: ثم شك [في وجود الماء]- كان أجود؛ ليعم [مع] ما ذكره ما لو رأى سراباً حسبه [ماء، أو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015