قيمة المنفعة لا قيمة الرقبة. قال الماوردي: ولأنه لو أوصى بمنفعة لرجل وبالرقبة لآخر, لم يقوم في حق صاحب المنفعة إلا المنفعة ون الرقبة باتفاق أصحابنا؛ فكذلك إذا استبقى الرقبة على ملك الورثة, وقد وافقه على ما استشهد به القاضي الحسين, وهذا ما نسبه البندنيجي إلى ابن سريج, وفي تعليق القاضي أبي الطيب: أن بعض الأصحاب خرج ذلك قولا للشافعي وجزم به, وهو جار فيما إذا أوصى بثمرة البستان [ومنافع الدار] , كما هو في المهذب وغيره, فعلى هذا تقوم العين بمنفعتها, فإذا قيل: مائة, قومت مسلوبة على الورثة من الثلثين, فيه عشرة حسب على الثلث تسعون, وهل تحسب العشرة على الورثة من الثلثين, فيه وجهان حكاهما العراقيون والمراوزة عنهم, وأظهرهما في الرافعي هو الذي نسبه البندنيجي إلى ابن سريج, والماوري إلى أبي إسحاق: إنها تحسب عليهم, فعلى هذا يعتبر في نفاذ كل الوصية أن تكون التركة – غير العبد – مائة وثمانين, وقد طرد المتولي هذا الوجه, فيما إذا أوصى بالمنفعة لشخص وبالرقبة لآخر, أن الموصى له بالرقبة لا تحسب عليه من الثلث.

واستضعف القاضي أبو الطيب تقويم الرقبة المسلوبة, وقال: ما لا منفعة له, لا قيمة له كالحشرات التي لا منافع لها ولا يصح بيعها, واستبعده الرافعي من جهة أنا إذا قومنا الرقبة مع منافعها فلا نعتبر فيه إلا صفات الرقبة في الحال, ولا ننظر إلى تأبدها [ولا] تأقيتها كما لا ينظر في الدواب إلى مدة بقائها, والموصى به ليس مجرد المنفعة, بل منفعة مدة العمر, فإذن الطريق لو أفاد, إنما يفيد معرفة قيمة المنفعة لا قيمة المنفعة أبداً, وهي التي أوصى بها, ثم قال: لكن هذا التقويم صالح لمعرفة ما فات على الورثة؛ لأنا إذا قومناه منتفعا به ومسلوب المنفعة عرفنا أن ما نقص هو الذي فوته عليهم؛ فأمكن أن يقال إنه المعتبر من الثلث, فالذي ينبغي أن يعتبر من الثلث هو الذي نقص من قيمتها, وهذا ما قال في الوسيط: إنه الصحيح, والذي صححه القاضي أبو الطيب, والأكثرون مقابله, أما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015