في كل مرض ليس بالمخوف, ثم لا خلاف في أن المريض إذا انتهى إلى حالة شخص فيها بصره وابيضت عيناه لا تعتبر وصيته, ولا شيء من أقواله حتى الإسلام, وكذا [من] أفعاله.
وحكم من علاه وهو لا يحسن السبح, أو قطع نصفين وهو يتكلم, أو أخرجت حشوته – كذلك.
قال: واتصل بالموت, اعتبر من الثلث؛ لما روى مسلم عن عمران بن حصين أن رجلاً أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم, فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم, ثم اقرع بينهم, فأعتق اثنين [ثم] أرق أربعاً, وقال له قولاً شديداً. والقول الشديد كما رواه النسائي عن الحسن عن عمران بن حصين أنه صلى الله عليه وسلم قال في هذه القصة: "لقد هممت ألا أصلي عليه". فإذا رد العتق فغيره من طريق الأولى. وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أعطاكم ثلث أموالكم في آخر أعماركم", يشعر به, ولأن هذه الأحوال الظاهر فيها الموت؛ فكانت العطية فيها في حق الوارث بمنزلة الوصية.
فعلى هذا إن خرجت التبرعات من الثلث فلا كلام, وإن زادت عليه كان [حكم الزائد حكم الزائد] في الوصية على الثلث, فإن أجاز الورثة نفذت جميعها, وإن ردوا قُدِّم من التصرفات الأول فالأول, إلى أن يستوفى الثلث, بخلاف الوصية إذا زادت على الثلث, كما سيأتي.
ولا فرق بين أن يكون المتقدم المحاباة ولم تتصل بالقبض أو اتصلت به, وحكى الإمام في كتاب العتق فيما إذا كان ثلث ماله ألفاً, فاشترى عبداً بألفين