وفائدة هذه الوصية – كما قال القاضي أبو الطيب -: إذا كان ثم وصية أخرى؛ فإن الثلث يقسم بينهما بالنسبة, ونكمل الواجب من رأس المال.

وحكى الشيخ أبو علي قولًا آخر: أن الفائدة تقديم الواجبات على أرباب الوصايا, فإن فضل من الثلث شيء صرف إليهم, وإلا فلا.

وقد حكاه القاضي أبو الطيب من بعد في مسألة الحج, ورواه في البحر عن حكاية أبي إسحاق وابن أبي هريرة عن بعض الأصحاب, وقال: إنه المذهب.

قال: وإن أطلق, فالأظهر: أنه لا يعتبر من الثلث؛ لأنها في الأصل من رأس المال, فإذا لم يصرفها عنه, بقيت على الأصل, وكانت الوصية بها محمولة على التأكيد والتذكار بها, وهذا ما نص عليه عند الإيصاء بالحج في المناسك من كتبه الجديدة, وبه جزم أبو إسحاق وابن أبي هريرة؛ كما حكاه الماوردي وأكثر الأصحاب؛ كما قال القاضي أبو الطيب.

وقيل: يعتبر من الثلث؛ لأنها من رأس المال, فلما وصى بها كانت قرينة دالة على أنها من الثلث, والوصية مصرفها من الثلث, وهذا ما نص عليه عند الإيصاء بالحج في المختصر في هذا الموضع من الوصايا, فإنه قال: [إذا أوصى بأن يحج عنه ولم يحج حجة الإسلام, فإن بلغ ثلثه حجةً من بلده] , حج عنه من بلده, وإن لم يبلغ, حج عنه من حيث بلغ [ثلثه].

والقائلون بالأول منهم من تأوله كما سنذكره, ومنهم من نسبه إلى الغلط, وقال: إنما قال الشافعي ذلك في حج التطوع؛ فإنه قال في عيون المسائل: إذا أوصى بأن يحج عنه تطوعا, فبلغ ثلثه الحج من بلده – حج عنه من بلده, وإن لم يبلغ حج عنه من حيث يبلغ ثلثه.

ومنهم من يقول: إنه غلط من الناسخ, ويكون [موضع قوله: "ولم يحج": و"قد حج", وهكذا وجد في بعض النسخ.

وقيل]: إن كان قد قرن به ما يعتبر من الثلث, أي: كما لو قال: حجوا عني وتصدقوا – اعتبر من الثلث؛ عملا بالقرينة, وإن لم يقرن لم يعتبر؛ عملا بالأصل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015