قال: وإن مات الموصى له قبل الموت، بطلت الوصية؛ لأنها قبل الموت غير لازمة، فبطلت بالموت؛ كما لو مات أحد المتعاقدين في البيع قبل القبول.

قال: وإن مات بعد موته - أي: وقبل القبول والرد - قام الوارث مقامه في القبول والرد؛ لأنه حق يملك ثبت للوارث بغير اختيار من له العين، فقام الوارث فيه مقام الموروث؛ كالآخذ بالشفعة.

قال الأصحاب: وليس لنا قبول يبقى بعد موت الموجب له [والموجب]، إلا هذا.

ووراء ذلك أمران آخران:

أحدهما: حكى الشاشي قولاً: أن الوصية تبطل بموت الموصى له قبل القبول.

الثاني: حكى الإمام وجها عن رواية الشيخ أبي علي: أن الموصى به إذا كان ممن يعتق على الموصى له: كأبيه، وابنه، لا يجوز للوارث القبول؛ فإنا لو صححنا القبول، لعتق على الميت، ولثبت له الولاء عليه، ولا سبيل لإثبات الولاء للميت، بغير إذنه؛ وهذا بناء منه على أنه يعتق على الميت. وستعرف الخلاف فيه.

ثم على الصحيح: إذا قبل الوارث، فلمن يحصل الملك في الموصى به ابتداء؟ قال الأصحاب: ذلك ينبني على أقوال الملك: فإن قلنا: يملك بالقبول، ففيه وجهان:

أحدهما: وهو قول ابن أبى هريرة وأبى حامد المروروزي؛ كما حكاه الماوردي: أنه حاصل للورثة ابتداء، وبهذا أجاب ابن الصباغ وأبو الطيب وآخرون. وعلى هذا: فهل تقضى منه ديون الميت، وتنفذ وصاياه؟ فيه وجهان حكاهما القاضي أبو الطيب في المجرد، ووجه القضاء وهو المذهب في البحر، والذي حكاه ابن الصباغ عن الأصحاب: أنهم ملكوه بما ورثوه عنه من القبول، فهو موروث بسبب من جهته؛ كما يملكون الدية إذا قتل وتقضى منها ديونه، وإن قلنا: إنها ثبتت للوارث ابتداء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015