فيه قولان، وفيه وجه ثالث: وهو النظر إلى حال الموت: فإن كان [الحمل] موجودا حينئذ، صحت الوصية، وإلا فلا، وهذا ما أبداه ابن الصباغ احتمالًا لنفسه، وأيده بأن الوصية تصح للحمل في حال كونه نطفة، وإن كان لا يملك.

فرع: لو أوصى لأحد الرجلين لم يصح على أظهر الوجهين، كما في سائر التمليكات، ومحل الخلاف: إذا قال: أوصيت لأحد الرجلين، أما إذا قال: أعطوا هذا العبد أحد [الرجلين، ففي] المهذب والتهذيب وغيرهما: أنه جائز؛ تشبيها بما إذا

قال لوكيله: بع من أحد الرجلين.

قال: ويستحق الوصية بالموت؛ إن كانت لغير معين: [كالفقراء، والمساكين، والعلماء، ونحوهم؛ لأنه لا يمكن اعتبار القبول منهم.

وإن كانت لمعين، ففيه ثلاثة أقوال:

أحدها: تملك بالموت، أي: شاء أو أبى، كما ذكره القاضي أبو الطيب والبندنيجي؛ لأنه استحقاق بالوفاة، ولم يكن من شرطه القبول، كالميراث، ولأن التدبير وصية كسائر الوصايا، [يجب] أن ينجز بالموت؛ وهذا ما حكاه محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأبو ثور عن الشافعي. ورأيت في نسخة من تعليق البندنيجي أن المزني نقله مع ابن عبد الحكم، فلعل ذلك غلط من الناسخ؛ فإن بعض الأصحاب قالوا: إن ابن عبد الحكم وأبا ثور تفردا بنقله عنه، وامتنع أبو إسحاق المروزي وأكثر المتقدمين من أصحابنا من إثباته قولا، ولم يثبتوا للشافعي سوى القولين الاثنين؛ لأنهما منصوصان في كتبه، وحملوا هذه الرواية على معنى أن بالقبول يحكم بدخوله بالموت في ملكه.

وابن أبي هريرة وأكثر المتأخرين من أصحابنا -كما قال الماوردي - أثبتوه قولا للشافعي.

والقائلون به يقولون: له رده، ويدخل في ملك الوارث من جهة الموصى له من حين الرد؛ كما ذكره أبو الطيب والبندنيجي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015