ففي كلام الأئمة ما ينازع فيه؛ فإن الرافعي حكى في المساقاة عند الكلام فيما إذا انقطع الماء، وقدر رب النخيل على رده: أن من استأجر قصاراً لقصارة ثوب بعينه يكلف تسليمه إليه، وحكيت في باب: ما يتم [به] البيع عن المتولي وغيره: أن من استأجر صباغاً؛ ليصبغ له ثوباً، وسلمه إليه – ليس له بيعه ما لم يصبغه، وكذلك لو استأجر صائغاً على عمل ذهب، ونظائر ذلك فلو تمكن المستأجر من المبيع لم يمتنع عليه البيع والله أعلم.
قال: وإن مات الأجير في الحج أو أحصر قبل الإحرام [أي]: وقد وقع العقد على عينه، لم يستحق شيئاً من الأجرة؛ لأن الأجرة تقابل المقصود وابتداؤه من الإحرام، وقد فات بكماله وما قبله من السير تسبب فيه فأشبه من استؤجر على الخبز أو البناء فأحضر الآلة ومات وهذا هو المنصوص في عامة كتبه وعن الصيرفي والإصطخري: أنه يستحق قسطاً من الأجرة بقدر ما قطع من المسافة؛ لأنهما أفتيا سنة حصر القرامطة الحج بالكوفة بأن الأجراء يستحقون من الأجرة بقدر ما عملوا.
ووجهه: أن الأجرة تقع في مقابلة السير والعمل جميعاً؛ ألا ترى أنها تختلف باختلاف المسافة طولاً وقصراً وفصل ابن عبدان فقال:
إن قال: استأجرتك لتحج من كذا، فالجواب كما قالاه. وإن قال: على الحج، فالجواب كما حكي على النص، وهذا كالتفصيل الآتي عن ابن سريج.
قال: وإن كان بعد الفراغ من الأركان أي: وقبل الإتيان بالرمي والمبيت استحق الأجرة أي بجملتها، وعليه دم لما بقي. أما وجوب الدم فلأنه دخل الحج نقص فكان عليه جبره بالدم كما في حجه عن نفسه، وأما استحقاقه تمام الأجرة فلإتيانه بما قابلته الأجرة والنقص الحاصل الدم جابره.
فعلى هذا فلو نقصت قيمة الدم عن القدر الذي يجب حطه من الأجرة؛ ففي حط قدر التفاوت وجهان، وقيل: يلزمه أن يرد ما يقابل الفائت بجملته؛ لأن الدم كان جابراً لحق الله تعالى.
وبعضهم جزم بهذا فيحصل في المسألة طريقان، وهما جاريان فيما إذا أحرم