وعليه؛ لأن الضمان لم ينتقل بالقبض عنه إلى المستأجر، وذلك لا يجوز.

وقد نسب بعضهم وجه المنع إلى ابن سريج، ووجه الجواز إلى ابن الحداد، وعد ذلك من مناقضاته؛ لأنه حاكم بانفساخ الإجارة إذا اشترى المستأجر ما استأجره؛ لامتناع اجتماع الملك والإجارة.

وذكر عن الشيخ أبي علي أنه قال: فإن قال من يضره الاستئجار السابق لم يمنع صحة الملك اللاحق كذلك الملك السابق، وجب ألا يمنع صحة الاستئجار اللاحق لكن تنفسخ الإجارة إذا [اجتمع الأمران] كما انفسخت هناك.

فالجواب: أن ما ينفسخ إذا كان سابقاً وجب ألا يصح [إذا كان طارئاً على الملك].

قلت: وقد يظهر في دفع ما قدر ابتداؤه انتصاراً لابن الحداد أمراً آخر، وهو أن ابن الحداد لا يقول مع القول بصحة الإجارة بانفساخها ولو قال به لكان ملازماً للانعقاد، وحينئذ فلا يكون للقول بصحتها؛ معنى لأنها إذا انفسخت عادت المنفعة إلى الذي أجره وهو المستأجر، وكل ما لا يترتب عليه ما هو المطلوب منه فهو باطل.

فرع: إذا أجر الحر نفسه، ومكن المستأجر من منافعه، فهل يجوز له أن يؤجره، بناء على منع الإجارة قبل التسليم؟ فيه وجهان، أصلهما: أن الحر إذا سلم نفسه إلى المستأجر، فلم يستعمله، هل يستحق الأجرة بمضي المدة أم لا؟

فإن قلنا: تستقر الأجرة، فقد جعلناه قابضاً للمنافع؛ فيعقد عليها.

وإن قلنا: لا تستقر؛ فلم نجعله قابضاً للمنافع؛ فلا يعقد عليها.

والذي صار إليه الأكثرون: أن له الإيجار ولو كانت الإجارة على عمل في الذمة، ففي جواز نقلها للغير كلام نذكره في أواخر الباب.

قال: وإن تلفت العين المستأجرة، أي: مثل إن كانت أرضاً فغرقها السيل أو حيواناً فمات أو ثوباً فاحترق بعد القبض في أثناء المدة.

قال: انفسخت الإجارة فيما بقي، لفوات المعقود عليه- وهو المنفعة- قبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015