البائع إذا أتلف المبيع قبل القبض ينفسخ العقد، ويقدر كأن العقد لم يكن، وقول التخيير: على أن البيع لا ينفسخ، ويثبت للمشتري الخيار.
قال الرافعي: وهذا البناء ليس بواضح؛ لأن المكري هو الذي يقع في رتبة البائع، ولم يوجد منه إتلاف، وإنما المكتري هو الذي فوت المنفعة على نفسه فكان بإتلاف المشتري أشبه.
وهذا الخلاف بعينه يجري فيما إذا استأجر داراً، فأسكنها الحدادين والقصارين، أو دابة ليحمل عليها قطناً فحمل حديداً، أو ليقطع بها مسافة إلى ناحية فقطع بها مسافة أخرى أطول من تلك، كما حكاه القاضي أبو الطيب وفيه نظر، وفيما إذا اكترى غرفة ليضع فيها مائة من من الحنطة فأبدلها الحديد، وفي كل صورة لا يتميز فيها المستحق عما زاد.
ولو استأجر للزراعة فغرس أو بنى، فالواجب أجرة المثل ومنهم من طرد الخلاف فيه.
قال: وإن استأجر دابة ليركبها أركبها مثله أي: في الطول والقصر والضخامة والنحافة كما يجوز أن يؤجرها من غيره، وعن المزني أنه لا يجوز وبنى عليه ما تقدم ومن طريق الأولى: جواز إركابه دونه، ولا يجوز أن يركبها [من] هو فوقه؛ وهذا الحكم لا يختص بمسألة الدابة، بل هو جار في كل مستوفى؛ حتى إذا اكترى ثوباً للبس يجوز أن يلبسه من هو مثله؛ وإذا استأجر دابة لحمل القطن كان له حمل الصوف والوبر والتبن وبالعكس، ولو استأجر لحمل الحديد كان له حمل الرصاص والنحاس، ولو استأجر لحمل القمح؛ كان له حمل قدره من الشعير؛ إن كان التقدير بالكيل؛ لأنه دون حقه. وإن كان التقدير بالوزن، فلا؛ لأن الشعير ينتفش، فهو كالقطن مع الحديد لا يجوز أن يوضع أحدهما مكان الآخر.
ولو استأجر دابة، ليركبها بإكاف، كان له أن يركبها بالسرج؛ [لأنه أخف، ولو عكس لم يجز؛ قاله القاضي الحسين.
ولو اكتراها لحمل متاع، فأبد السرج] بالإكاف، قال القفال: يجوز إذا لم يكن أثقل من السرج، ولو عكس لم يجز، قال الروياني: وفيه نظر عندي.