قال: .... ولا تجوز الإجارة إلا على أجرة معلومة الجنس [والقدر] والصفة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَاجَرَ أَجِيراً فَلْيُعْلِمْهُ أَجْراً"؛ ولأنها بمنزلة الثمن في البيع ومعرفة الثمن في البيع شرط فكذلك الأجرة، وهذا إذا كانت الأجرة في الذمة، أما لو كانت على العين فالمعتبر شرائط المبيع وإلا لا يكون عمله واقعاً فيما جعله له؛ كما إذا استأجر الطحان ليطحن الحنطة بقفيز منها مطحوناً؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن قفيز الطحان وهو مفسر بما ذكرناه، وألحق الأصحاب به ما إذا استأجر الطحان على الطحن بجزء شائع من الدقيق أو النخالة، أو السلاخ ليسلخ الشاة المذبوحة بجلدها وأظهروا للنهي معنى لأجله عدوا الحكم إلى ما ذكرناه، وهو أن الأجرة غير حاصلة في الحال على الهيئة المشروطة، وإنما تحصل بعمل الأجير من بعد فهي إذاً غير مقدور عليها في الحال.
وفي بعض المسائل ما يقتضي الفساد، ولو خلت عن المعنى المذكور، وهو في مسألة الاستئجار بجزء من الدقيق أو النخالة: جهالة الدقيق في الحال، وكذا النخالة؛ لاشتمال القمح عليهما وفي مسألة السلاخ الجهل بصفاته؛ لأنه لا يعرف حاله في الرقة والثخانة وسائر الصفات قبل السلخ، وكذلك يمتنع جعله أجرة مطلقاً، وإن كان الاستئجار على عمل غير السلخ وقد ألحق الأصحاب على ما حكاه الغزالي وإمامه بمسألة قفيز الطحان أيضاً ما إذا استأجر مرضعة على الرضاع بجزء من المرتضع الرقيق في الحال وقاطف الثمار بجزء منها على رؤوس الأشجار موجهين ذلك بأن عمل الأجير لم يقع في خالص ملك المستاجر، ثم قال الغزالي: وزاد الأصحاب فقالوا: المرتضع المشترك بين امرأة