الحسين، أما إذا كانت الإجارة واردة على الذمة فيجوز تأجيلها قطعاً؛ كالمسلم فيه وسنذكرها.
تنبيه: [قول الشيخ: ويتصل الشروع في الاستيفاء بالعقد. ظاهره يقتضي أن يتمكن] المستأجر من استيفاء المنفعة عقيب العقد ويلزم على ذلك مخالفة الأصحاب في بعض المسائل ومخالفة بعضهم في بعض فيتعين أن يصرف عن ظاهره ويحمل على التمكن من الشروع في استيفاء المعقود عليه إذا أمكن والتمكن من الشروع فيما يوصل إلى الاستيفاء إن لم يمكن وذل كيتضح برسم مسائل:
منها: استئجار عين الشخص للحج قبل أشهره يجوز؛ إذا كان لا يتأتى الإتيان به من بلد العقد إلا بالسير قبله وكان في وقت خروج الناس من تلك البلد إليه، ولا مانع قائم بالأجير من مرض أو بالطريق من خوف أو تراكب الثلوج والأنداء التي لا يعلم وقت زوالها، فلو علم فالأصح عند الغزالي أنه غير مانع، وكذا الاستئجار على الحج في أشهره ليحرم الأجير من الميقات، جائز عند خروج الناس إليه، وفي كل من الحالتين المذكورتين لم يتصل الشروع في نفس المستأجر عليه؛ لأنه غير [معقود عليه] بل فيما يوصل إليه، ويدل على ذلك ما سنذكره من أن الأجير إذا مات بعد قطع المسافة وقبل الإحرام لا يستحق شيئاً من الأجرة، وقد استدرك الرافعي على الغزالي وإمامه حيث قالا: ثم مهما صحت الإجارة وجب على الأجير الخروج مع أول رفقة، ولا يجوز التأخير إلا بعذر انتظار الرفقة ولا عذر بعد وجودها، بأن ذلك يقتضي جواز تقديم الإجارة على خروج الناس، وأن له انتظار خروجهم، ولا يلزمه المبادرة وحده، والذي ذكره جمهور الأصحاب على طبقاتهم ينازع فيه ويقتضي اشتراط وقوع العقد في زمان خروج الناس من ذلك البلد حتى قال صاحب التهذيب: لا يصح استئجار العين إلا في وقت خروج القافلة من تلك البلد بحيث يشتغل عقيب العقد بالخروج أو أسبابه من شراء الزاد ونحوه وإن كان قبله لم يصح؛ لأن الإجارة للزمن المستقبل لا تجوز وفرع على ذلك أنه لو كان الاستئجار بمكة لم يجز إلا في أشهر الحج، لتمكنه من الاشتغال بالعمل عقيب العقد.
ومنها استئجار الدار المشحونة بالأمتعة: يجوز على الأصح وإن لم يتصل