قال الرافعي: والقياس أن يعتبر مشاهدة الوجهين عند الإمكان كما يعتبر مشاهدة وجهي الثوب، وهذا كله تفري على منع بيع الغائب.
أما إذا قلنا بجوازه جاز هنا أيضاً، ووجه كون العقار لا يمكن معرفته إلا بالرؤية: أن المعرفة بالوصف كما ذكرنا منتفية؛ إذ لا يتصور ثبوت عقار في الذمة؛ لأن موضعه مقصود يختلف الغرض به، فلو ذكر لانحصر المعقود عليه فيه، وذلك مخالف وضع ما في الذمة، وإذا لم يمكن التعريف بالوصف تعين له الرؤية إذ لا ثالث لهما، وقد ألحق البندنيجي بالعقار ما لم يكن حيواناً كالثياب، والخشب، والأواني، والفرش.
قال: ولا يجوز إلا على منفعة معلومة القدر .. كما لا يصح البيع إلا على معلوم القدر، لكن العلم في البيع يكتفي فيه بالحدس، ولا يحتاج إلى ذكر شيء يتقدر به المبيع، وهنا الحدس والتخمين لا سبيل إليه فتعين ما سنذكره.
قال: فإن كان مما لا يتقدر إلا بالعمل أي: وإن ورد العقد فيه على الذمة كالحج والركوب [من مكان] إلى مكان قدر به لتعينه طريقاً للمعرفة، فلو قال: استأجرت منك هذا البعير لأركبه مسافة شهر إلى مكة لم يجز؛ لأن ما يقدر العمل فيه لم يجز اشتراط المدة فيه.
وقال بعض أصحابنا: يجوز لما فيه من زيادة التأكيد.
وقال أبو الفياض: إن كان [العمل] ممكناً في مدة الإجارة جاز وإلا فلا يجوز.
قال في البحر: والأول أصح.
قال البندنيجي: ومما لا يتقدر إلا بالعمل دون المدة- المنفعة الموصوفة في الذمة.
وفي الحاوي: أن المضمون في الذمة يجوز تقدير الركوب [فيه] بالمدة والمسافة كالمعين ولو استأجر للركوب شهراً صح لكن بشرطين:
أحدهما: أن يذكر الناحية التي يركب إليهاز
والثاني: المكان الذي يسلمها فيه؛ لأنه قد يركبها شهراً مسافراً إلى بلد مسافته شهراً ويكون تسلمه [في ذلك البلد وقد يركبها ذاهباً وعائداً مدة شهر فيكون تسليمها] في بلده، وإذا كان ذلك مختلفاً مع إطلاق الشهر لم يكن بد من