أحدهما وكذبه الآخر؛ ثبت له النصف بإقرار المصدق، فلو صالح المدعي المقر على مال، وأراد المنكر أخذه بالشفعة، فله ذلك إن ملكا في الظاهر بسببين مختلفين وكذا إن ملكا بسبب واحد من إرث أو شراء على أحد الوجهين، وهو الذي جعله الرافعي في الصلح الأظهر؛ لحكمنا في الظاهر بصحة الصلح وانتقال الملك إلى المقر [له]، وإن كان الغزالي وإمامه جعلا الأصح عند اتحاد السبب عدم الأخذ، لزعم المكذب بأن الصلح ما صح.
ووجه دلالة هذا اللفظ [على] ما ادعيته أن المصدق مكذب للمنكر في دعواه الملك مع ثبوت يده، وقد حكمنا بالملك له بسببها ومع هذا لم يكن ذلك مانعاً من ثبوت شفعته.
والذي صرح به المتولي، وابن الصباغ، وصاحب "الإشراف" هاهنا: عدم الثبوت، وهو الذي دل عليه كلام الرافعي في آخر الإيلاء حيث قال: لو وجدنا داراً في يد اثنين، وادعى أحدهما أن جميعها له، والآخر أنها بينهما نصفين، وصدقنا الثاني بيمينه؛ لأن اليد تشهد له، ثم باع مدعي الكل نصيبه من ثالث، فأراد الآخر أخذه بالشفعة وأنكر المشتري ملكه، فإنه يحتاج إلى البينة، ويمينه في الخصومة مع الشريك أفادت دفع ما يدعيه الشريك لا إثبات [الملك] [له] [والله أعلم].
قال: وإن قال: صالحني عن الشفعة على مال، أو أخذ الشقص بعوض مستحق، فقد قيل: تبطل، وقيل: لا تبطل.
هذا الفصل ينظم مسألتين:
صورة أولاهما: أن يقول الشفيع للمشتري: صالحني عن الشفعة على مال فيصالحه عليه، فهذا الصلح غير صحيح على المذهب؛ لأنه إسقاط خيار ثابت بالشرع لا يسقط إلى مال، فلم يجز أخذ العوض عنه؛ كخيار المجلس.
وفي "التتمة": أنه حكي عن ابن سريج جواز المصالحة عن حق الشفعة. والمشهور أن المجوز لذلك أبو إسحاق، وأنه جوز المصالحة أيضاً على مقاعد الأسواق وحد القذف.