قال: وإن قال: بعني، أو كم الثمن، بطلت شفعته يعني: أن الشفيع لما بلغه البيع بادر إلى طلب المشتري، فلما لقيه بادره بقوله له: بِعْنِي، أو كم الثمن.
ووجه إبطال الشفعة في الأولى: أنه عدل عن المطالبة بالشفعة إلى أن يتملك بجهة أخرى. وذلك يدل على الإعراض.
وفي ابن يونس حكاية وجه عن المراوزة: أن الشفعة لا تبطل بذلك، ولم أقف عليه فيما وقفت عليه من كتبهم إلا على قولنا: إن الشفعة على التأبيد.
ووجه إبطال الشفعة في الثانية: ما حكي عن الشيخ أبي حامد، والمحاملي، وقاله القاضي "الحسين" في تعليقه أيضاً أنه كان يمكنه أن يقول عوض ذلك: أخذت بالثمن الذي ابتعت به، فلما لم يقل ذلك، كان تاركاً لطب الشفعة مع القدرة عليه؛ فبطلت الشفعة.
قال في "البحر" وهذا على قولنا: [إنه] لا يتقدر الأخذ بالمجلس: يشير إلى خلاف سنذكره في أن الشفيع إذا ترك الطلب أو عفا صريحاً: هل يكون له الطلب ما دام في المجلس أم لا؟
واعلم أن ما حيكناه عن الشيخ أبي حامد وغيره، يفهم أن الأخذ يجوز بالثمن المجهول، وهو مخالف لما يفهم من اللفظ الذي حكيناه من قبل.
ولما صرح به الرافعي، وصاحب "المرشد" من أن الأخذ بالثمن المجهول لا يجوز.
وحينئذ فيجتمع من مفهوم ما حكيناه عن الشيخ أبي حامد وغيره خلاف في جواز الأخذ بالثمن المجهول، وقد قال الرافعي: ينبغي أن يكون في صحة التملك مع كون الثمن مجهولاً ما ذكرناه في بيع المرابحة.