الثاني: على تقدير أن يكون اللفظ كما ذكره، وهو الذي في ابن يونس - أيضاً - فإنما يظهر صحة ما قالوه إذا كانت قيمة بلد التلف أكثر، أو أروج، أما إذا كانت قيمة بلد الغصب أكثر، أو أروج؛ فلا.

بل يظهر اعتبار نقد بلد الغصب؛ عملاً بما علل به الأصحاب وجوب أكبر القيمتين؛ بأن ما من حالة تفرض فيها قيمة إلا والغاصب كان مخاطباً فيها برد العين، فإذا لم يرد [العين]، فقد فوت الرد؛ فلزمه بدله.

كذلك نقول في النقد: ما من بلد حل فيها المغصوب، إلا والغاصب مطالب بالرد فيه، فإذا لم يرد، فقد فوت قيمة المغصوب بذلك النقد؛ فوجب أن يجب إذا كانت القيمة [نقده] أكثر، أو هو أروج.

وقد حكى صاحب البحر عن والده ما يقاربه، فإنه قال: إذا كان نقد البلد وقت الغصب دراهم، ثم تلف المغصوب في يده، ونقد البلد يوم التلف دنانير، فأراد صاحب المال أن يضمنه دراهم، [ثم] يعدل إلى قيمتها بالدنانير؛ لكونها أحظ له - أن له ذلك، ووجهه بما ذكرته.

ثم قال: ومن الأصحاب من قال: الاعتبار بحال الاستقرار [عند] تغير الأحوال.

ومما يؤيد ما ذكرته: أن الرافعي حكى فيما إذا نقل المغصوب المثلي إلى بلد، وتلف فيه، أو أتلفه ثم ظفر به المالك في بلد، وقلنا: إنه لا يطالب بالمثل في غير موضع التلف، فله أخذ قيمة [أكثر] البلدين قيمة.

وفي الوسيط في هذه الصورة: أن [له أن] يطالبه بقيمة أي بلد شاء من بلدي الغصب والإتلاف، وذلك يؤيد ما ذكرته، أيضاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015