أو لأن الخيار في الحقيقة تأجيل لنقل الملك أو للزومه، والأجل تأجيل للمطالبة، وقد اجتمع أحد التأجيلين مع خيار المجلس فكذلك الآخر، وهذا هو الصحيح في الخيار والأجل. وفي طريق المراوزة حكاية وجه في الأجل، أن ابتداءه من حين انقطاع خيار المجلس.
قال الإمام: ومن قال به فقياسه يقتضي أن يقول: إذا اشترط في البيع خيار ثلاثة أيام وأجل الثمن أن يكون ابتداء الأجل من انقضاء خيار الشرط [لأنه عنده في معناه ولا سبيل إلى الجمع بين المتماثلين هكذا حكاه هاهنا، وحكى في آخر باب الشرط [الذي يفسد البيع وجهين في أنه يثبت من وقت انقضاء خيار المجلس، أو من وقت انقضاء خيار الشرط]. ثم قال: والوجه القطع بأن ابتداء الأجل من انقضاء الخيار المشروط على الوجه الذي عليه نفرع، فإن الأجل أحق بمجانسة خيار الشرط منه بمجانسة خيار المجلس، والمجانسة تؤثر في منع الجمع.
قال: وقيل من حين التفرق، أي: أو التخاير؛ لأن الجمع بين خيارين متماثلين في وقت واحد لاغ لا معنى له، وكل شرط لم يتضمن فائدة: لغو، هكذا حكاه الإمام. وعبر عنه الغزالي: بأن اجتماع خيارين متماثلين في وقت واحد لا يعقل.
والمراد بالمتماثلين: أنهما: [خيار الشرط والمجلس]؛ ولأن الشارط إنما يبغي الإثبات لنفسه في وقت يقتضي العقد لزومه، وهذا ميل النص إليه أكثر، كما قاله الإمام في آخر باب الشرط الذي يفسد البيع، وقاله الماوردي أيضاً ثم إنه ظاهر [مذهب الشافعي]، وكذا أبو الطيب في "شرح الفروع"، وقال: إن لفظه ولو اشترط الخيار في البيع أكثر من ثلاثة بعد التفرق فسد البيع.
وللقائل الأول أن يجيب عن الأولى: بأن الخيار واحد، لكن له جهتان: المجلس والشرط، وذلك لا تعدد فيه، كما أنه يثبت بجهة الخلف والعيب معاً.
وعن الثانية بأن تنزيل الشرط على ما ذكرتموه يورث الجهالة؛ لأنو قت انقطاع خيار المجلس [مجهول فإن قيل: هذا جهل من أحد طرفي الخيار، وذلك غير ممنوع بدليل خيار المجلس فإن انتهاءه غير معلوم.